أحدث الأخبار
  • 09:04 . مدعي الجنائية الدولية يطلب اعتقال الحاكم العسكري في ميانمار... المزيد
  • 07:32 . حزب الله يستعد لتشييع حسن نصر الله... المزيد
  • 07:01 . طحنون بن زايد يبحث مع "إيه إم دي" فرص تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي... المزيد
  • 06:38 . أبطال أوروبا.. ليفربول يسعى لتحقيق فوزه الأول على ريال مدريد منذ 15 عاماً... المزيد
  • 06:28 . الإمارات ترحب بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان... المزيد
  • 06:25 . رئيس الدولة يترأس الاجتماع السنوي لمجلس إدارة "أدنوك"... المزيد
  • 06:19 . الولايات المتحدة تتجه لوقف الحرب في غزة... المزيد
  • 06:04 . تل أبيب ممتنة لأبوظبي على تعزيتها في مقتل الحاخام الإسرائيلي... المزيد
  • 02:48 . تركيا تقلص صفقة شراء مقاتلات إف-16 من أمريكا... المزيد
  • 12:49 . الذهب حبيس نطاق ضيق قبل صدور بيانات التضخم الأمريكية... المزيد
  • 11:47 . النفط يستقر وسط تركيز على وقف إطلاق النار في لبنان وسياسة أوبك+... المزيد
  • 11:36 . هواوي تطلق أحدث هواتفها بنظام تشغيل خاص خالٍ من أندرويد... المزيد
  • 11:27 . بايدن يعلن عن جهود مشتركة مع قطر وتركيا ومصر لوقف العدوان على غزة... المزيد
  • 11:01 . أبوظبي تعزي عائلة الحاخام الإسرائيلي وتشكر تركيا على تعاونها في القبض على الجناة... المزيد
  • 10:48 . السعودية تعتمد ميزانية 2025 بعجز متراجع لـ27 مليار دولار... المزيد
  • 10:31 . بعد اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.. ماكرون يدعو "لانتخاب رئيس دون تأخير"... المزيد

نموذج جديد للجامعة العربية

الكـاتب : عبد الله السويجي
تاريخ الخبر: 30-11--0001

عبد الله السويجي


حين نتحدث عن مؤتمرات القمم العربية فإننا نتحدث بالضرورة عن جامعة الدول العربية، وحين نذكر الأخيرة نذكر مستوى الفشل الذريع وسياسات الدول الأعضاء وتناقضها مع ميثاق الجامعة . وإذا كان المتابعون والمحللون السياسيون قبضوا على بعض النقاط الاستدلالية الخاصة بأسباب الفشل والتناقضات والعمل عكس الميثاق، فإن الباحثين، منذ بداية ما سُمّي ب"الربيع العربي" ظلماً وزوراً، يقعون على نقاط إضافية استدلالية لارتباك السياسة العربية، الأمر الذي يعني زيادة حدوث تراكمات في إدارة الأزمات وعدم تطبيق السياسات، التي لم تكن أصلاً بمستوى طموحات الشعوب العربية، ويعزو بعضهم أسباب الفشل الجديدة إلى الأسباب القديمة، فكان من المنطقي أن يقود ذاك إلى هذا، ضمن نظرية الخلل المستقاة من ضعف الإدارة وتطبيق الميثاق وضبابيته .
لقد أطلق محللون سياسيون كثيرون على مؤتمر القمة العربية التي عقدت في الكويت مؤخراً "قمة التناقضات"، ودليلهم في ذلك أنها لم تخرج بتوصيات ولا قرارات وإنما ببيان، لا يعتبره أعضاء الجامعة ملزماً، ويكفي هذا الاعتبار حتى تبقى بنود البيان حبيسة الأدراج والحبر والطابعات الإلكترونية .
لقد مرت 69 سنة على إنشاء الجامعة، ولم تترجم المعاهدات التي وُقعت بين الأعضاء ترجمة حقيقية، سواء كان في المجال الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي أو الدفاعي، بينما الاتحاد الأوروبي الذي لا يزيد عمره على 22 عاماً، استطاع أن يحقق ما لم يحققه العرب خلال سبعين عاماً، فقد أصدر عملة واحدة، وبات مواطنوه يتنقلون بحرية بين الدول الأعضاء، وترجمت اتفاقياته على أرض الواقع بسلاسة وثقة، والفرق هنا واضح وضوح الشمس، شأنه شأن الثقة، هذه الثقة التي أنقذت العديد من الدول الأوروبية من الإفلاس بعد الأزمة الاقتصادية التي تعرض لها في الفترة 2007-،2008 وتم ضخ عشرات المليارات من الدولارات لإنقاذ اليونان وإسبانيا وإيطاليا وغيرها، ويعمل على توسيع الاتحاد من خلال ضم بعض الدول في أوروبا الشرقية، بينما واقع جامعة الدول العربية التي انطلقت من فكرة الوحدة، يعاني الأمّرين، ويوماً بعد يوم، تضع الدول الأعضاء المزيد من العقبات أمام المواطنين، والسبب الرئيسي يكمن في تحالفات الأعضاء الخارجية، التي لم يرفضها الميثاق، على ألا تضر بمصالح الدول أو ميثاق الجامعة، وفي الواقع، أدت تلك التحالفات، ومن بينها تحالفات دفاعية، إلى إحداث أضرار كبيرة في التقارب العربي - العربي .
يبدو أن "الربيع العربي" زاد الفجوة بين أعضاء الجامعة إلى درجة القطيعة، والسبب هو العمل ضد ميثاق جامعة الدول العربية الذي ينص على عدم التدخل في شؤون الدول الأعضاء الداخلية، ودول الخليج العربية نالت نصيبها من الخلافات، للسبب ذاته، وذلك حين دأبت قطر على التدخل في شؤون الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وتأييدها لتنظيم الإخوان المسلمين، الذي أبدى توجهاً واضحاً لتغيير الأنظمة، وهي في نظر التنظيم لا تحكم بشرع الله، فما كان من ثلاث دول في المجلس من خيار إلا سحب سفرائها من قطر، كاشفة عن عمق الخلافات التي لم تكن على صلة بترتيبات البيت الخليجي الاقتصادية أو الاجتماعية، إنما تعود إلى ما أفرزه "الربيع العربي" من تطرّف جارف . وقطر كانت الدولة الأكثر تأييداً لهؤلاء المتطرفين، فأمدتهم بالسلاح والماكينة الإعلامية والمال، حتى باتت ألسنة لهيبهم تهدد بعض الدول . أما الموقف من سوريا، فكان واضحاً أن ثمة تراجعاً في السياسات التي اتُخذت في السابق، حيث طالب معظم المتحدثين في قمة الكويت بالحل السياسي، ومن جهة أخرى، ظل مقعد سوريا شاغراً في القمة العربية، في الوقت الذي لم يكن شاغراً في قمة الدوحة، وهذا يعد تصحيحاً للسياسات، وترجمة لبند مهم من بنود ميثاق جامعة الدول العربية، الذي يمنع فصل أي عضو إلا إذا انتهج سياسات تضر بالإجماع العربي والسياسات المتبعة .
خلاصة القول في هذا السياق، تتجسد في الاكتشاف المتجدد الذي يقول إن ميثاق جامعة الدول العربية لم يعد صالحاً الآن، نتيجة ما تعرض له من تعنيف وانتهاكات، ولا يجب أن تُعقد مؤتمرات القمة لأهداف إجرائية احتفالية فقط، أو للمحافظة على وظائف لأشخاص أو مندوبين في إداراتها، وهذا لا يعني في أي حال من الأحوال، إغلاق الجامعة ورمي مفتاحها في عمق المحيط، وإنما إعادة النظر في ميثاقها مجدداً وبشكل جذري، ليواكب المستجدات على كافة الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدفاعية، وفتح باب العضوية من جديد ضمن شروط جديدة يتم الالتزام بها، والاستفادة من التجمعات الدولية والمنظمات الإقليمية، مثل الاتحاد الأوروبي، الذي ضرب نموذجاً قوياً في موضوع التعاون وتعزيز الثقة بين الدول الأعضاء .
لا بد من إنشاء جامعة عربية لا تحمل الاسم الحالي، لأن التحديات التي تواجه الدول الأعضاء من دون استثناء، كبيرة إلى درجة تهدد البعض بالزوال، لهذا، فإن زمن سياسة (لم الشمل) و(الطبطبة) والدبلوماسية الناعمة قد ولّى، كما ولّى زمن (أنتوني أيدن) وزير خارجية بريطانيا في العام ،1941 الذي أوحى لعدد من الدول العربية بفكرة الجامعة أو الاتحاد! فبريطانيا نفسها تنكّرت لهذه الفكرة حين ساعدت في إنشاء دولة صهيونية على أرض فلسطين، بدعم من الولايات المتحدة في العام ،1948 ولهذا، فإن أي تجمع عربي جديد يجب أن ينسى عقلية (أنتوني أيدن)، التي كانت ترمي إلى المحافظة على حلفائها الذين دعموها في الحرب العالمية الثانية (بينما كانت المحافظة عليها بمزيد من التجبّر والتعسّف وممارسة البطش وإعادة الاحتلال وتكريسه) .
صحيح أن لا شيء يُبنى على الفشل إلا الفشل، ومن النادر جداً أن يبنى نجاح على الفشل، إلا إذا اقترن بمعجزة، أو تم اجتثاث كل أسباب الفشل والهزائم . ولا يمكننا القول بالتخلي عن كيان يجمع الدول العربية، لكننا في الوقت نفسه، لا يمكن الإبقاء على جامعة الدول العربية بشكلها الحالي الكرنفالي، والشعوب العربية تستحق كياناً قوياً يجمع شملها ويدافع عن قضاياها المصيرية .
لقد طالبت دول كثيرة بمراجعة شاملة لواقع جامعة الدول العربية، لكن المطالبات، شأنها شأن قرارات القمة، أُهملت وترهّلت، والآن، بعد أن وصلت الجامعة، ومعها كل الكيانات الإقليمية إلى مرحلة تعاني فيها تحديات مصيرية أهمها تحديات بقائها، فإن المطالبة بإعادة النظر والمراجعة لم تعد كافية، إذ لا بد من الانتقال إلى طرح فكرة جدوى بقاء جامعة مصابة بالهرم على قيد الحياة .
لا بد من ولادة أخرى، يكون المولود فيها قادراً على الاعتماد على الذات منذ يومه الأول، مولود يتخذ قرارات حياته باستقلالية، لا يعتمد إلا على الله، وعلى إمكانات الشعوب العربية