كشفت وزارة الصحة ووقاية المجتمع، أنها بصدد "إعادة هيكلة رسوم الخدمات التي تقدمها، بالتنسيق مع وزارة المالية، حيث سيتم إجراء تعديل على الرسوم المقررة للخدمات الحالية". 

وزعمت الوزارة، في مراسلات رسمية، قالت صحيفة «الاتحاد» المحلية أنها حصلت على نسخة منها، أن الرسوم الحالية "تقادمت فترتها الزمنية، ولم تعد أسعار هذه الخدمات مناسبة للتغيرات الاقتصادية التي طرأت في السنوات الأخيرة، وبناء عليه ترغب الوزارة في إعادة هيكلة القرارات المنظمة لرسوم الخدمات"، على حد تعبيرها. 

وقالت مصادر للصحيفة المحلية: إنه "تم استحداث رسوم جديدة، مثل جراحات الروبوتات بصفة عامة، وجراحات القلب من خلال الأجهزة الأحدث عالميا، وتمت إضافة رسوم تتعلق بجراحة الفم والفكين، لم تكن موجودة سابقا، رغم ممارستها في مرافق الوزارة".

وأضافت: «أهم ما يميز القائمة الجديدة المقترحة لأسعار الخدمات، أنها تتضمن الكثير من الخدمات الصحية الحديثة عالمياً أو المتوقع دخولها إلى القطاع الصحي خلال السنوات المقبلة، وتم وضع رسوم لها، وهو ما يجعل الرسوم الجديدة قادرة على الاستمرارية لفترة أطول من سابقتها».

وزعمت الوزارة، أن الهدف من إعادة هيكلة رسوم خدمات الوزارة، أكدت المصادر، "ليس زيادة الرسوم، بقدر ما هو تنظيمها، حيث تمت مراجعة الأسعار وفقا للتكاليف والأجور".

ويتبع وزارة الصحة 15 مستشفى و69 مركزاً للرعاية الصحية الأولية، موزعة في دبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة.

وأضافت الوزارة زاعمة، أنها أخذت في الحسبان البعد المحلي في احتساب الأسعار الجديدة لخدماتها الصحية، وأجرت دراسات معيارية ومقارنة مع أسعار الخدمات الصحية المقدمة في كل من هيئتي الصحة في أبوظبي ودبي، بالإضافة إلى القطاع الخاص، مؤكدة أن أسعار الوزارة الجديدة ستكون "تنافسية" مع الجهات المذكورة.

واقع الخدمات الصحية الاتحادية

وبصورة عامة، فإن تكلفة العلاج وتلقي الطبابة في الإمارات ورغم غياب إحصاءات رسمية دقيقة تعد الأعلى والأغلى في دول مجلس التعاون، وخاصة مقارنة مع السعودية وسلطنة عمان والبحرين، وتتقارب مع قطر والكويت في بعض المجالات وتزيد عنها في مجالات أخرى. 

وبالنسبة للدول القريبة، فإن دولة الإمارات هي الأكثر غلاء في نفقات العلاج والتداوي. ففي الهند مثلا ذات العدد الملياري للسكان تقدم الخدمات الصحية لمواطنيها مجانا بصورة تامة، وكذلك تفعل غالبية دول المنطقة الفقيرة والغنية، كون الصحة والتعليم أهم مجالين لا يحتملان الاستثمار، ومع ذلك فإن التعليم والصحة هما من أهم القطاعات الاستثمارية في الدولة.

وتواجه وزارة الصحة في الأساس ضعفا كبيرا في خدماتها، وفق تقارير صادرة عن المجلس الوطني بدءا من التأكيد على انخفاض الإنفاق الحكومي على هذا القطاع في ميزانية عام 2016 وحتى تجميد عددا من المشاريع الأخرى.

كما تواجه مستشفيات وزارة الصحة ضعفا فنيا وندرة بشرية في الأطباء والتمريض والخدمات الطبية الأخرى من عدد المستشفيات والأسرة والتخصصات المتوفرة، وفق استطلاع أجرته إذاعة أبوظبي لواقع المستشفيات الحكومية في السنوات الأخيرة.

مقارنة غير عادلة

وتدعي الوزارة أن أسعار خدمات مستشفياتها سيكون "منافسا" للخدمات الصحية التي يتلاقها مواطن أبوظبي ودبي، دون أن تدرك أنها بذلك تقر باختلال العدالة الاجتماعية في الدولة وأن مواطني الإمارات الشمالية الأقل حظا في الخدمات الصحية كما سائر الخدمات الأخرى.

الوزارة تجاهلت أن الفرق بين رواتب موظفي أبوظبي ودبي يفوق راتب نظيرهم في الإمارات الشمالية بنحو 7 أضعاف. 

ويتساءل مواطنون عن وعود وزير الطاقة سهيل المزروعي الذي ادعى أن رفع أسعار النفط داخليا سيجده المواطنون في الميزانية مخصص للتعليم والصحة والبيئة. ولكن ذلك، لم يجد له الإماراتيون أثرا.

بل إن الإماراتيين يرون أن كل وعود الرفاهية والرخاء في تراجع مستمر، وأن هناك علاقة بين زيادة الحديث عن السعادة وانخفاض الخدمات التي يتلقونها، وكأن "حديث السعادة" يأتي لذر الرماد في العيون و"تغييب" الناس عما يلحق بهم اقتصاديا واجتماعيا بصورة متلاحقة من غلاء وتراجع خدمات وزيادة رسوم ومراجعة رواتب.