أصبحت المملكة العربية السعودية أكثر جرأة في المخاطرة الاقتصادية. وعلى الرغم من أن البنك المركزي لا يزال يحتفظ بأصول تبلغ قيمتها 500 مليار دولار، إلا أن صندوق الاستثمارات العامة يبقى المشروع المفضل لولي العهد السعودي، وارتفعت محفظته من 84 مليار دولار إلى حوالي 320 مليار دولار.
وأصبح الصندوق راعياً غير متوقع لوادي السيليكون، مع حصص كبيرة في شركات تيسلا ولوسيد موتورز، وهي شركة تصنيع سيارات كهربائية منافسة، لتيسلا، وكذلك فيرجن جالاكتيك وماجيك ليب، صانعة سماعات الواقع الافتراضي.
وذهب 45 مليار دولار أخرى إلى صندوق للتكنولوجيا الفائقة تديره شركة "سوفت بنك"، وهي مجموعة يابانية. وجعلت العلاقة مع "سوفت بنك" المملكة مستثمرا في "وي وورك"، وهي شركة ناشئة في مجال العقارات.
في المقابل، يبدو أن قطر تستخدم صندوقها كعامل مساعد للدبلوماسية. ولكن مع قلق أقل بشأن عوائد الاستثمار على المدى القصير. يقول المدير السابق لهيئة الاستثمار القطرية "أحمد السيد"، التي تملك أصولاً بقيمة مليون دولار لكل مواطن من مواطني الإمارة البالغ عددهم 300 ألف مواطن: "ليس لدينا بطالة يمكن لجميع القطريين العثور على عمل".
وضخت هيئة الاستثمار القطرية أموالا ضخمة في أوروبا خاصة في لندن، وهي تمتلك "نادي باريس سان جيرمان" لكرة القدم.
وفي الآونة الأخيرة، اتخذت استثمارات الهيئة مسحة سياسية. وفي العام الماضي حصلت على حصة 19% في روسنفت، عملاق الطاقة الروسي. كما تعهد أمير قطر باستثمار المليارات في تركيا (رغم أن قطر لم تفعل ذلك بعد). ويعد البلدان شريكان مهمان، ولدى تركيا قوات متمركزة في قطر.
تفتقر البحرين وعمان إلى الثروة النفطية والغازية لجيرانهما، وتبقى ممتلكاتهما أقل حجماً. لكن يبدو أنهما مصممتان على استخدامها كأدوات لتحديث اقتصاداتهما.
وتأسس صندوق ممتلكات البحرين في عام 2006 بأصول قيمتها 8 مليارات دينار (21 مليار دولار). واشترى الصندوق حصة في طيران الخليج وشركة الاتصالات الحكومية وغيرها، في حين ذهب 3% فقط من إجمالي أصوله إلى الخارج في البداية.
واليوم ارتفعت هذه النسبة إلى 30%، ولكن بدلاً من شركات التكنولوجيا عالية المخاطر، تركز البحرين على الشركات التي تقدم خدمات مثل التعليم والرعاية الصحية. وتأمل في إقناع بعض الشركات بفتح مكاتب إقليمية في المنامة التي تقدم نفسها كمركز للخدمات في الخليج.
وتقوم دول خليجية أخرى بمحاولات مماثلة. وقام صندوق "مبادلة" الحكومي في أبوظبي باستثمارات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة وبناء محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جميع أنحاء البلاد. وتريد شركة تابعة لصندوق الثروة السيادية الرئيسي في سلطنة عمان إحضار شركات التكنولوجيا الفائقة إلى السلطنة. يقول "علي قيصر"، وهو مستثمر عماني مغامر: "إن الأجندة هي تطوير النظام البيئي المحلي، وليس فقط إرسال رأس المال إلى بريطانيا أو أمريكا".
لكن صناديق الثروة الخليجية تفتقر إلى الشفافية وبعضها لا ينشر بياناته المالية العادية، في حين يتم التحكم فيها من قبل عدد قليل من المسؤولين المقربين من السلطة. واشترت قطر أصولاً بدافع الاستعراض المالي أكثر من الاستثمار السليم، بينما تقامر السعودية على شركات التكنولوجيا التي تعاني من مشاكل تنظيمية وإدارية. واعتقل "خادم القبيسي"، المدير السابق لصندوق "مبادلة" أبوظبي بسبب تعامله تورطه في قضية فساد صندوق تنمية الثروة الماليزي.
تحث الحكومات في الخليج المواطنين على عدم القلق بشأن المستقبل واعدة بأنه عندما تتوقف عائدات النفط والغاز عن التدفق، فإن صناديق الثروة السيادية ستتحمل المسؤولية. ولا تعني هذه الوعود شيئًا إذا كانت الأموال تُدار مثل إقطاعيات شخصية.