رغم دعوات الدولة وشخصياتها التي لا تتوقف عن ضرورة عدم توظيف الدين واستغلاله، وأطروحات أنور قرقاش وزير الشؤون الخارجية وتنظيرات السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة وتحريض جمال سند السويدي على الإسلام والمسلمين في أوروبا إلا أن جهات تنفيذية وأمنية تريد اختطاف الدين لها في الوقت الذي تدعي أنها تسعى لتخليصه من السياسة والسياسيين، بحسب ما يتهم ناشطون إماراتيون وخليجيون.
ورغم الدعوة إلى العلمانية بصورة صريحة من جانب من سبق ذكرهم، إلا أن العلمانية تعني بالنسبة لهم احتكار الدولة للدين بصورة تامة فتقدم فقها حكوميا أمنيا لا يخدم الدولة وإنما يخدم شخصا أو عدد قليل من الأشخاص أو مؤسسة فقط، فتفرض هذه الفردية "اجتهادا" بعيدا عن روح الإسلام وتقدم مصالحها وسياساتها بثوب من الدين، على حد انتقاد ناشطين.
وفي هذا السياق، جاء إطلاق الدفعة الأولى "لبرنامج إعداد العلماء الإماراتيين" الذي أعلن عنه في الفنادق وليس في المساجد، وبرعاية رسمية من جانب وزير الخارجية وبعض الوعاظ العرب.
الإعلام المحلي، قال إن خريجي البرنامج سيكونون "سلاح الدولة والأمة الإسلامية، لمواجهة الفكر المتطرف بالفكر المعتدل الوسطي السمح"، معتبرين أن "نموذج الداعية الإسلامي العصري، الذي يهدف البرنامج إلى الوصول إليه، يمثل واجهة حضارية ومشرقة لوسطية الإسلام واعتدال الدولة"، على حد تعبيرهم.
وبمراجعة بعض سلوك مؤسسات الدولة وشخصياتها لما يروجون له من "وسطية" و "اعتدال" فلن يتغلب الإنسان من اكتشاف استغلال الدين الإسلامي والتشكيك به، وإقصائه عن حياة المجتمع حيث تم تعديل مناهج التربية الإسلامية عدة مرات، وتم تغيير أسماء الشوارع والمدارس من أسماء الصحابة والقادة المسلمين إلى أسماء معاصرة من مخترعين وسياسيين، فضلا عن ربط التطرف والإرهاب دائما بالإسلام وتحديدا بالإسلام السني، في حين أن الوسطية المزعومة هي الغطاء لاستجلاب المذاهب الأرضية التي تشرك بالله في جزيرة العرب، أو لمخاطبة الغرب على أن الدولة تمثل نموذجا إسلاميا يجب دعمه وفق ما يقوله موقع "انترناشونال بيزنس تايمز" في تقرير له مؤخرا، وذلك للتغطية على غياب الديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان.
مقابلة محمد بن زايد
وكانت الدفعة الأولى من البرنامج التقت الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي عقب إطلاق البرنامج الأسبوع الماضي، و "أعطاهم مزيداً من التشجيع".
وزعم "مركز الموطأ للدراسات والتأهيل والنشر" في أبوظبي، إن برنامج إعداد العلماء الإماراتيين يسعى إلى تحقيق 13 هدفاً تخلص إلى تحقيق رؤية عالم إماراتي، عالمي في حركته، إنساني في خطابه، مؤمن بهويته، واعٍ بالعالم من حوله، يجمع بين فهم الواقع ومعرفة الواجب فيه، قادر على الإسهام في النهضة والتنمية وترسيخ قيم التعايش السعيد، وسفير لدينه وأمته ووطنه.
تندر الإماراتيين
الإماراتيون لم يفوتوا هذه المناسبة للتندر على هذا المشروع الذي يسعى، من وجهة نظرهم، إلى تفتيت الأمة بصورة أكبر من الحاصل من جهة والافتئات على الدين من جهة أخرى.
الامارات تخرج دعاة (مودرن)، كان هذا أحد الأوصاف التي أطلقها ناشطون على خريجي البرنامج.
فيما أعاد البعض تقسيم تخصصات كلية الشريعة في الامارات إلى: (فقه - حديث - قرآن - أصول - مكافحة إرهاب).
وتندر آخرون، بذكر تخصصات دقيقة داخل كليات الشريعة في الدولة، قائلين: كلية الشريعة في الإمارات (مستقبلا): كلية الشريعة - قسم مكافحة الإرهاب _ تخصص (إخوان - قاعدة - داعش - وحركات أخرى ..).
واختار البعض إعطاء دليل عملي على مخرجات هذا البرنامج، قائلين: (الإمارات تستنسخ من المُجنس (وسيم يوسف) .. نسخ إماراتية).
أما النقد الأكثر قربا للواقع، فقد قال صاحبه: (الإمارات تخرج طلبة شريعة ..لمكافحة الشريعة)، على حد تعبيره.
فيما قال آخرون، (من حق الإسلاميين أن يطالبوا بالعلمانية التي تعني منع السلطات والحكومات من توظيف الدين واستغلاله)، على حد قولهم.