للمرة الثانية خلال بضعة أيام تعلن وسائل إعلامنا المحلية عن وجود خطة أمنية إماراتية كاملة متكاملة لمعالجة التدهور الأمني في عدن وذلك بتوافق بين جميع الأطراف اليمنية بما فيها المقاومة. فما هو الواقع الميداني الأمني والاجتماعي والإغاثي في المدينة وهل يكفي التعامل الأمني وحده إصلاح الأوضاع في الجنوب؟
الواقع والتحديات الأمنية
نشر مركز مسارات للاستراتيجيات والاعلام اليمني ومقره عدن تقريرا بحثيا حول الحالة الأمنية والاجتماعية الراهنة في عدن بعد التحرير ونشرته وسائل إعلام يمنية وخليجية ومن بينه صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية التي تقود بلادها عاصفة الحزم ضد التمرد هناك.
المركز أكد أن الحال في عدن يشهد "حالة إرباك في المجال الأمني، وحالة فوضى في المجال العسكري، وبطء في إعادة الخدمات للمناطق المنكوبة، والتلاعب والفساد بعملية الإغاثة، وتفشي ظاهرة حمل السلاح وانتشاره على نحو خطر يهدد السلم الاجتماعي، واستمرار ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية، وارتفاع أجور المواصلات، وإهمال الجرحى وأسر الشهداء، وتفشي أعمال النهب والبسط على أملاك الغير، وتغذية نوازع المناطقية بين أبناء الجنوب".
المركز ثمن "جهود التحالف العربي وفي المقدمة السعودية ودولة الإمارات ودورها الكبير في تحرير الجنوب ودعم عملية البناء والإعمار".
وتأكيدا لما ورد في ورقة المركز، حذر العميد ثابت جواس من أن الجيش اليمني الجاري تشكيله في اليمن يقوم على أساس مناطقي وهو ما قد يؤدي حسب العميد إلى تحول عدن إلى ليبيا أخرى، في إشارة إلى الأطراف الإقليمية التي تدعم الثورة المضادة في ليبيا وتحرض على الثورة بدوافع قبلية ومناطقية وبعض هذه الأطراف موجود في اليمن وعدن تحديدا.
الخطة الأمنية الإماراتية
طوال الأيام الماضية ركز الإعلام الإماراتي على تولي مسؤولية الإمارات إصلاح الأوضاع في عدن وذلك من خلال خطة أمنية. ففي (18|9) عنونت صحيفة "الاتحاد": "الإمارات تعيد الحياة والاستقرار إلى عدن".
ونشرت الصحف المحلية أيضا بتاريخ (16|9) ومن بينها "الاتحاد" و "الخليج" و "البيان" تقريرا إخباريا أكد سيطرة دولة الإمارات على مقاليد الأمن في عدن بصورة تامة. ونقلت عن عيدروس الزبيدي، الذي وصفه الإعلام الإماراتي بأنه أحد قيادات المقاومة الشعبية في الجنوب، قوله: "أي خطة أمنية تقدمها الإمارات سيتم تبنيها من قبل المقاومة وتنفيذها فوراً".
واليوم (22|9) نشرت "الاتحاد" تصريحات لعلي شايف الحريري، المتحدث باسم المقاومة الشعبية في اليمن قال فيها: "إن ضباطاً من دولة الإمارات الموجودين في مدينة عدن أعدوا خطة متكاملة للملف الأمني في المدينة، وسيتم البدء بتنفيذها بالتعاون بين الجانب الحكومي والمقاومة خلال الأيام القليلة المقبلة".
وأوضح الحريري، "أن لقاءات عقدت خلال الأيام الماضية بين قادة المقاومة الشعبية وضباط من دولة الإمارات للإطلاع على الخطة الأمنية التي أعدت لتحقيق الأمن والاستقرار في عدن"، مؤكداً أن توافقاً وطنياً بين كل الأطراف على أن يتولى الأشقاء الإماراتيون مسؤولية الأمن بمشاركة المقاومة والجهات الأمنية في المدينة".
المشكلة ليست أمنية فقط
وفيما لم تعلن الإمارات ولا مصادر يمنية محاور الخطة الأمنية وأهدافها فإنه من الواضح أن عدن لا تعاني مشكلة أمنية فقط. فحتى على صعيد العمل الإغاثي والذي بذلت فيه الإمارات والسعودية جهودا جبارة لم يتم حمايته من "التلاعب والفساد" وفق ما أكد مركز مسارات، فلماذا سوف ينجح الجانب الأمني والخطة الأمنية الإماراتية يتساءل ناشطون يمنيون.
ونظرا للتجربة الأمنية الإماراتية وسياساتها الأمنية في الداخل الإماراتي فإن ناشطين لا يبدون تفاؤلا بنجاح أي خطة أمنية تقوم على اعتبار الحرية وحقوق الإنسان أحد مهددات الأمن في بلد ما. كما أن المشكلات المتفاقمة في عدن بحاجة إلى خطط اجتماعية واقتصادية عاجلة وليس أمنية كون الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي هو الذي يؤدي إلى تحسين الأمن وليس العكس، وفق تقديرات ناشطين وخبراء في مكافحة الجرائم والأمن.
لذلك، يطالب يمنيون بخطة إصلاح شاملة في جميع الجوانب ومن بينها خطة أمنية خاصة في ظل تأكيد جميع الأطراف أن الأمن مستتب في عدن، فما دام أنه كذلك فلماذا تجاهل ارتفاع الأسعار وتغذية الصراعات القبلية وإهمال أسر الشهداء مقابل تسريع خطة أمنية لأمن متوفر كما تزعم العديد من الأطراف.