أحدث الأخبار
  • 08:02 . سوريا تعلن تفكيك خلية لتنظيم الدولة في عملية أمنية بريف دمشق... المزيد
  • 07:09 . الاحتلال الإسرائيلي يصادق على إنشاء 19 مستوطنة جديدة بالضفة... المزيد
  • 01:45 . تقرير: مستهلكون يشكون تجاهل اللغة العربية في كتابة لافتات السلع... المزيد
  • 01:29 . فوز البروفيسور اللبناني بادي هاني بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة الاقتصاد... المزيد
  • 01:06 . تركيا تحذر من الانتهاكات الإسرائيلية وتتحدث عن "تفاهمات مُبشرة" خلال اجتماع ميامي بشأن غزة... المزيد
  • 12:55 . موجة استنكار واسعة بعد إساءة روبنسون للمسلمين ومطالبات باعتقاله في دبي... المزيد
  • 11:48 . رياضيون يهاجمون المدرب كوزمين بشدة بعد الأداء في كأس العرب... المزيد
  • 08:53 . بسبب دورها في حرب السودان.. حملة إعلامية في لندن لمقاطعة الإمارات... المزيد
  • 06:48 . الاتحاد الأوروبي يربط تعزيز الشراكة التجارية مع الإمارات بالحقوق المدنية والسياسية... المزيد
  • 06:04 . منخفض جوي وأمطار غزيرة تضرب الدولة.. والجهات الحكومية ترفع الجاهزية... المزيد
  • 12:45 . تقرير إيراني يتحدث عن تعاون عسكري "إماراتي–إسرائيلي" خلال حرب غزة... المزيد
  • 12:32 . أبوظبي تُشدّد الرقابة على الممارسات البيطرية بقرار تنظيمي جديد... المزيد
  • 12:25 . الغارديان: حشود عسكرية مدعومة سعوديًا على حدود اليمن تُنذر بصدام مع الانفصاليين... المزيد
  • 12:19 . إيران تعدم رجلا متهما بالتجسس لصالح "إسرائيل"... المزيد
  • 10:59 . أمريكا تنفذ ضربات واسعة النطاق على تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا... المزيد
  • 09:21 . الاتحاد العالمي لمتضرري الإمارات... المزيد

هل يُصلح الإنساني ما أفسد السياسي؟

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 20-12-2016


ربع مليار ريال جمعت في ليلة واحدة لصالح حلب المحاصرة ومشرديها، في تضافر شعبي ورسمي كانت تلك الحملة عنوانا جديدا للمشاعر الوطنية تمتد يدا من الإخاء إلى الأشقاء الذين يرزحون تحت صواريخ المستبد وداعميه، ولا شك أن حجم ما جمع لا يساوي حجم المأساة التي يعيشها الشعب السوري عموما وشعب حلب بشكل خاص، ولكنه سيساهم في تخفيف العبء وتيسير عمليات النزوح التي تترافق مع موجة برد قاسية، فلا يدري النازح هل يهرب من قطرات المطر أم حبات الثلج أم الصواريخ والرصاص المنهمر؟!
عملية النزوح هذه تم الإعداد لها طويلا بانتظار أن ينتهي الساسة من مساوماتهم، المئات من الجمعيات والآلاف من المتطوعين يقفون على أهبة الاستعداد في ريف حلب وعلى الحدود التركية ليساهموا في رفع المعاناة عن الألوف الذين ينتظرون دورهم للخروج من جحيم حلب المدمرة، هذه الجهود الإنسانية التي تنتشر في سوريا ربما تكون من أكبر التجمعات الإنسانية في التاريخ الحديث تجاوبا مع عظم المأساة وطول أمدها، وبينما تمتلئ نشرات الأخبار بالتطورات السياسية والعسكرية، فإن عملا عظيما يقوم على الأرض لا يسلط عليه الضوء كثيرا فيما يتعلق بالعمل الخيري والإنساني، في المناطق المحررة تعمل مؤسسات المجتمع المدني المختلفة على ملء الفراغ السياسي من خلال المجالس المحلية والخدمات التعليمية والصحية وحتى التنظيم الإداري التطوعي لحياة الناس اليومية، وفي مناطق النزاع يقدم المتطوعون أعظم التضحيات لإخراج المنكوبين من تحت الركام وإسعاف المصابين في الهجمات الوحشية، أما مخيمات اللاجئين فهي مدن صغيرة بل كبيرة أحيانا تقوم الجمعيات الخيرية بإدارتها من الألف إلى الياء، تخيلوا معي كل هذه الأماكن دون وجود هذه الجهود الإنسانية، تخيلوا ملايين النازحين دون إعانة ولا مخيمات يهيمون على وجوههم، ومن أراد أن يعرف خطورة وضع كهذا فعليه بالمناطق المحاصرة التي يمنع عنها المساعدات الإنسانية، في تلك المناطق الحقيقة المؤلمة لعالم الحروب دون عمل إنساني يخفف المعاناة.
اليوم يتعرض العمل الإنساني لانتقادات متكررة داخل سوريا وخارجها، ولا شك أن هناك قصورا في هذا المجال كما هو الحال في المجالات الأخرى، ولكن من يشاهد عظم حجم العمل الموجود على الأرض والحاجة المتزايدة الضخمة يعلم أن العمل الإنساني بحاجة إلى كل أشكال الدعم الممكنة ماديا ومعنويا حتى يستمر في تقديم يد العون لمحتاجيها، والعاملون في المجال الخيري سيحدثونك عن المشاكل التي يواجهونها بشكل يومي من فقدان الأمان وفقد الأمل وقلة ذات اليد والتحديات السياسية التي يصطدمون بها يوميا في إطار عملهم، وأصعب ما في ذلك هو أن يكون كل شيء متوفرا بين يديك من مساعدات غذائية ودوائية وتعجز عن إيصالها لخلافات سياسية بين أطراف النزاع فترى الناس يموتون أمامك لا تفصلك عنهم إلا أمتار معدودة، العمل في هذا المجال يتطلب حقيقة نفسية صامدة، وإلا فمن منا يتحمل أن يرى الموت أمامه كل يوم ويكون هو مسؤولا عن رفع معاناة الملايين بإمكانات محدودة تحت رحمة قوى عالمية.
ما يدمره الخلاف بين الساسة كل يوم من أبنية وما يزهق بسببهم من أرواح لا يتصور أن يكون العاملون في المجال الإغاثي والإنساني قادرون على تعويضه، وتحميلهم هذه المسؤولية ظلم عظيم، ولكننا في الوقت نفسه لا نجد غيرهم لتحميله هذه المسؤولية، ولذلك فعلينا جميعا أن نكون عونا لهم من خلال تقديم ما نستطيع لتمويل جهودهم والتطوع من خلال برامجهم، بالإضافة إلى تيسير عملهم بما نتحصل عليه من صلاحيات وعلاقات وإمكانات فردية ومؤسسية، نحن بحاجة إلى أن نكون جميعا بشكل أو بآخر مساهمين في العمل الإنساني، هذه المساهمة أيا كانت هي خير ولا شك من التذمر الدائم والانتقاد المتكرر لما يقدمه أولئك العاملون في المجال.
ربع المليار التي جمعت مساء الأحد وفوقها ملايين عديدة ستصل قريبا إلى الجمعيات والمؤسسات الخيرية لتستخدمها وقودا لآلة الإغاثة الضخمة على حدود حلب، هذه الملايين ستنفد سريعا أمام احتياجات آلاف النازحين وأمام ظروف الجو القاسية، وأمام الجمعيات مهمة صعبة معقدة لضمان أن تصرف هذه المبالغ بأفضل شكل ممكن، فالمسألة ليست مبالغ تؤخذ بهذه اليد وتعطى بتلك، المسألة تبدأ بعملية تخطيط دقيقة وتوفير مواد أولية ونقلها في الوقت المناسب والتعامل مع المشاكل اللوجستية المعقدة والتفاهم مع الأطراف المختلفة لضمان صمود الجهود الإغاثية أمام التعقيدات الإدارية والخلافات السياسية.
العمل الإنساني هو ما تبقى لهذا العالم من وميض أمل مع تكالب الأزمات وتكاثر المآسي، ودوري ودورك هو أن نعمل بما يتيسر لكل منا من إمكانيات لضمان أن يكون هذا العمل ناجحا وناجعا، دورنا جميعا هو أن نبني ما يهدمونه في عالم السياسة.;