أحدث الأخبار
  • 08:02 . سوريا تعلن تفكيك خلية لتنظيم الدولة في عملية أمنية بريف دمشق... المزيد
  • 07:09 . الاحتلال الإسرائيلي يصادق على إنشاء 19 مستوطنة جديدة بالضفة... المزيد
  • 01:45 . تقرير: مستهلكون يشكون تجاهل اللغة العربية في كتابة لافتات السلع... المزيد
  • 01:29 . فوز البروفيسور اللبناني بادي هاني بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة الاقتصاد... المزيد
  • 01:06 . تركيا تحذر من الانتهاكات الإسرائيلية وتتحدث عن "تفاهمات مُبشرة" خلال اجتماع ميامي بشأن غزة... المزيد
  • 12:55 . موجة استنكار واسعة بعد إساءة روبنسون للمسلمين ومطالبات باعتقاله في دبي... المزيد
  • 11:48 . رياضيون يهاجمون المدرب كوزمين بشدة بعد الأداء في كأس العرب... المزيد
  • 08:53 . بسبب دورها في حرب السودان.. حملة إعلامية في لندن لمقاطعة الإمارات... المزيد
  • 06:48 . الاتحاد الأوروبي يربط تعزيز الشراكة التجارية مع الإمارات بالحقوق المدنية والسياسية... المزيد
  • 06:04 . منخفض جوي وأمطار غزيرة تضرب الدولة.. والجهات الحكومية ترفع الجاهزية... المزيد
  • 12:45 . تقرير إيراني يتحدث عن تعاون عسكري "إماراتي–إسرائيلي" خلال حرب غزة... المزيد
  • 12:32 . أبوظبي تُشدّد الرقابة على الممارسات البيطرية بقرار تنظيمي جديد... المزيد
  • 12:25 . الغارديان: حشود عسكرية مدعومة سعوديًا على حدود اليمن تُنذر بصدام مع الانفصاليين... المزيد
  • 12:19 . إيران تعدم رجلا متهما بالتجسس لصالح "إسرائيل"... المزيد
  • 10:59 . أمريكا تنفذ ضربات واسعة النطاق على تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا... المزيد
  • 09:21 . الاتحاد العالمي لمتضرري الإمارات... المزيد

أما ما ينفع الناس.. فيبقى!

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 18-11-2016

أقرأ رسائل انطونيو غرامشي، تلك الرسائل التي كتبها من سجنه وتحت تعذيب سجانيه، وأتساءل كيف يمكن لمن يعيش تلك الظروف أن يكتب كل هذا الفكر وبكل هذا الحنين والعذوبة ؟

انطونيو غرامشي، مفكر إيطالي انتمى للجهة المناهضة للنظام الفاشي الذي حكم إيطاليا ضمن موجة المد الديكتاتوري التي سادت أوروبا في الثلاثينيات، فأمر موسليني بسجنه عشرين عاماً، نُشر مؤخراً الجزء الأول من مذكراته التي كتبها فترة سجنه التي دامت 11 عاماً، وانتهت به إلى مصحة علاج خاصة، مات فيها بسبب نزيف في المخ جراء التعذيب، هذا المفكر الذي لم يعش طويلاً (1891-1937)، ترك للعالم مشروعاً فكرياً كبيراً وضعه في 3000 صفحة دونها بخط يده عرفت بكراسات السجن، تنقلت معه من سجن إلى سجن.

كراسات غرامشي إلى أمه وأصدقائه وأسرته، بقيت شاهدة على عصر لا يمكن محوها، لقد قاوم السجن بذكرياته وبذاكرته وحدها، ما ذكرني بكاتب الأوروغواي الشهير أدواردو غاليانو الذي كتب «الحكواتية يبحثون في الآثار عن الذاكرة المفقودة، عن الحب والألم، وهي آثار لا ترى، لكنها لا تمحى».

إن العالم بحاجة ماسة لمفكرين يضيئون له الطريق نحو القيم الإنسانية الراسخة، لقد انتقد غرامشي الهيمنة الرأسمالية كما هاجم ستالين، لكن رسائله إلى أمه وأسرته تذكرنا بكل المستنيرين الذين يرون الخطر فينبهون له قبل غيرهم، أولئك الذين يطلقون صرخة زرقاء اليمامة.

لم يتوافر لغرامشي في زنزانته أي نوع من الرفاهية والراحة والوثائق ليكتب مشروعاً فكرياً موثقاً متماسكاً كما يجب، ومع ذلك فقد اعتمد على ذاكرته وحدها، في ترميم أفكاره، وظل يكتب بلا توقف فأنجز ثلاثة آلاف صفحة بخط يده، تناول فيها موضوع الإصلاح ودور المثقفين وأفكار ميكيافيللي والأدب والمجتمع، كما تحدث عن عصر النهضة ودانتي والمجتمع المدني، كان يكتب ليقاوم الموت، وكان يكتب ليتواصل مع أمه وأصدقائه ليشعر بأنهم معه دائماً، وكان يكتب لأنه يؤمن بأن هذه هي وظيفته كمثقف في الحياة: التنوير.

في تاريخنا الإسلامي عانى الإمام ابن حنبل محنة السجن ومن سجنه كتب أيضاً. وكان يقول أتاح لي السجن أن أكتب ما لم أكتبه خارجه، هؤلاء الذين يحولون المحن إلى فرص عظيمة، مصرين على القيام بما يتوجب عليهم.

تعيش الأمة العربية اليوم محنة وجود كبرى وتحتاج إلى كل المستنيرين وأصحاب الهمم لأن يروجوا ويدعوا لعقيدة التسامح، فبالتسامح فقط يمكننا عبور هذا النفق المظلم، وبالبصيرة فقط يمكننا استدراك حجم الخطر المتربص بنا.