أحدث الأخبار
  • 08:02 . سوريا تعلن تفكيك خلية لتنظيم الدولة في عملية أمنية بريف دمشق... المزيد
  • 07:09 . الاحتلال الإسرائيلي يصادق على إنشاء 19 مستوطنة جديدة بالضفة... المزيد
  • 01:45 . تقرير: مستهلكون يشكون تجاهل اللغة العربية في كتابة لافتات السلع... المزيد
  • 01:29 . فوز البروفيسور اللبناني بادي هاني بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة الاقتصاد... المزيد
  • 01:06 . تركيا تحذر من الانتهاكات الإسرائيلية وتتحدث عن "تفاهمات مُبشرة" خلال اجتماع ميامي بشأن غزة... المزيد
  • 12:55 . موجة استنكار واسعة بعد إساءة روبنسون للمسلمين ومطالبات باعتقاله في دبي... المزيد
  • 11:48 . رياضيون يهاجمون المدرب كوزمين بشدة بعد الأداء في كأس العرب... المزيد
  • 08:53 . بسبب دورها في حرب السودان.. حملة إعلامية في لندن لمقاطعة الإمارات... المزيد
  • 06:48 . الاتحاد الأوروبي يربط تعزيز الشراكة التجارية مع الإمارات بالحقوق المدنية والسياسية... المزيد
  • 06:04 . منخفض جوي وأمطار غزيرة تضرب الدولة.. والجهات الحكومية ترفع الجاهزية... المزيد
  • 12:45 . تقرير إيراني يتحدث عن تعاون عسكري "إماراتي–إسرائيلي" خلال حرب غزة... المزيد
  • 12:32 . أبوظبي تُشدّد الرقابة على الممارسات البيطرية بقرار تنظيمي جديد... المزيد
  • 12:25 . الغارديان: حشود عسكرية مدعومة سعوديًا على حدود اليمن تُنذر بصدام مع الانفصاليين... المزيد
  • 12:19 . إيران تعدم رجلا متهما بالتجسس لصالح "إسرائيل"... المزيد
  • 10:59 . أمريكا تنفذ ضربات واسعة النطاق على تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا... المزيد
  • 09:21 . الاتحاد العالمي لمتضرري الإمارات... المزيد

الخارج ومحن التنمية الإنسانية العربية

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 04-02-2016

في اعتقادي، أن موضوع التنمية الإنسانية الشاملة للمجتمعات العربية لا يحصل على الاهتمام اليومي الدائم في أغلب وسائل الإعلام والتواصل العربية، وفي كل المنابر الحكومية والتشريعية. فالتركيز الكبير يقتصر على ضرورة النمو في الاقتصاد، وعلى ضرورة التوجه نحو مزيد من الديمقراطية في السياسة.
هذا بينما أن كلا الأمرين، النمو الاقتصادي والممارسة الديمقراطية، هما جزءان فقط مما يعرف بالتنمية الإنسانية التي لا تقف عند تحقيق هذين الأمرين، وإنما تتعدّاها لتشمل قضايا التعليم والعمالة والبيئة الطبيعية والبيئة الثقافية، ومختلف العلاقات الاجتماعية، وتفعيل القيم الإنسانية السامية، أي أنها تتوجه نحو تمكين الفرد مادياً ومعنوياً ليعيش بكرامة وحرية، ونحو تمكين المجتمع ليصبح سيد نفسه وليتحمل مسؤوليات قدره.
منذ سنة 2002 وتقارير التنمية الإنسانية العربية تصدر تباعاً، وتشير إلى وجود نقاط ضعف مأساوية في الحياة العربية، لكنها تحظى بترحيب ونقاش محدود حين صدورها، ثم لا تلبث أن يطويها النسيان. ولذلك فإن محتوياتها وتوصياتها وما تشير إليه من أخطار وكوارث قادمة لا تترسخ في العقل الفردي والجماعي لتصبح جزءاً أصيلاً راسخاً مثيراً للقلق والهلع في جدول أعمال الحياة اليومية للمجتمعات العربية. من هنا الأهمية القصوى لجعل موضوع التنمية الإنسانية العربية، بكل أجزائه وتفاصيله، فصلاً بارزاً في الثقافة السياسية للإنسان العربي.
وعندما يزداد وعي الإنسان العربي وتشتد حساسيته تجاه موضوع التنمية الإنسانية، كأمر وجودي وأخلاقي يمس حاضره ومستقبله ومستقبل أولاده وأحفاده، سيطرح على نفسه السؤال المهم: من المسؤول عن فشل التنمية الإنسانية في أرض العرب؟ وعند ذاك سيكتشف هذا الإنسان أن جواب ذلك السؤال سيشير إلى كل أعداء ومناهضي تقدمه ونهوضه من تخلف تاريخي يرزح تحته.
وسيكتشف أن الأسباب داخلية وخارجية، تتفاعل مع بعضها بعضاً وتتعاضد في أشكال سمسرة وزبونية وفساد ونهب واحتكار للسلطة وتبادل للمنافع.
دعنا من ذكر الأسباب الداخلية، فقد كتب عنها الكثير، وقد نعود إليها. وسنكتفي اليوم بتسليط الضوء على عاملين خارجيين يساهمان في إفشال التنمية الإنسانية العربية، ويحتاج الإنسان العربي أن يعي بعمق أهميتهما.
العامل الأول الإيجابي، الذي يستطيع أن يلعب دوراً مهماً في كل محاولة للتنمية على المستوى الوطني، هو الترابط التنموي العربي، بدءاً بالتكامل الاقتصادي والسوق العربية المشتركة وانتهاء بوحدة اقتصادية على المدى البعيد. يكفي أن نذكر أن تواجد كتلة اقتصادية تكاملية عربية سيكون مدخلاً لوجود سوق كبيرة آمنة لكل نتاج عربي على المستوى الوطني، ومدخلاً لقيام صناعات أساسية وهندسية وعسكرية وزراعية كبرى على المستوى الوطني، ومدخلاً لإجراء البحوث المعرفية وللتطوير التكنولوجي الضروري للإنماء الاقتصادي، ومدخلاً للتفاوض الاقتصادي والتكنولوجي مع الكتل الاقتصادية الأخرى.
فإذا أضيف إلى ذلك أن الأمن العسكري والغذائي والمائي، والوقوف في وجه الخطر الصهيوني والتدخلات الخارجية الضاغطة المتآمرة على المستوى الوطني، سيحتاج إلى رافد قومي يعينه ويقوّيه أدركنا الأهمية القصوى للترابط العضوي بين كل مشاريع التنمية الإنسانية في كل الأقطار العربية، وأن غياب ذلك الترابط يساهم بصور مباشرة أو غير مباشرة في إفشال التنمية الإنسانية الوطنية. أما العامل الثاني، وهو سلبي في كثير من جوانبه، فهو مؤثّرات العولمة السلبية في التنمية العربية على المستويين الوطني والقومي، وبالتالي إفشالهما.
ذلك أنّه، بالرغم من كل الخطابات الدعائية الرنّانة المادحة للعولمة، إلا أن للعولمة جوانب سلبية تحتاج أيضاً إلى مواجهة على المستويين الوطني والقومي.
إن إصرار القوى الفاعلة الضاغطة في المسرح الدولي العولمي على الإزالة الكاملة للأسوار الجمركية الضرورية أحياناً، لحماية المشاريع الصناعية والخدمية الوليدة، واحتقارها للتخطيط المركزي للتنمية الوطنية، وإيمانها الجنوني بقدرة حرية الأسواق ونظامها التنافسي على حل كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية والفردية، ودفعها بقوة لتتخلى الدولة عن مسؤولياتها في الرعاية الاجتماعية، وعلى الأخص للفقراء والمهمشين ووضع تلك المسؤولية في يد القطاع الخاص، ونشرها بكل الوسائل الإعلامية والإعلانية لثقافة الاستهلاك المادي النهم المجنون، والابتعاد عن أي ادخار أو توازن حياتي أو تقشف معيشي من خلال بناء إنسان فردي مبالغ في استقلاليته الفردية وفي عدم التزامه بالروابط والضوابط العائلية والاجتماعية والوطنية، ورعايتها لكل الاتفاقيات الدولية المفروضة التي تحيل العالم كله إلى ساحة ترتع في جوانبها بحرية كاملة الشركات المتعددة الجنسيات والعابرة للحدود على حساب كل ما هو محلي ووليد... إن كل ذلك لا يمكن أن يصب في مصلحة التنمية الإنسانية الوطنية، ولا في مصلحة التنمية الإنسانية القومية.
لكن مقاومة تلك الجوانب السلبية، الكامنة في النظام الرأسمالي العولمي المتوحش الذي يقود العولمة، لا يمكن أن تتحقق إذا لم تواجه على مستوى تكتل عربي كبير. ولكن ذلك قد أصبح من شبه المستحيلات في هذا الجحيم الذي تعيشه أمة العرب من جراء المؤامرات الخارجية وتنامي الهمجية التكفيرية من قبل القاعدة الأم، وفراخها، وارتكاب أخطاء فادحة من قبل أشكال من الأنظمة التسلطية الفاسدة.
التنمية الإنسانية العربية في محنة والتعامل مع مفشليها يحتاج لأن يكون في قمة جدول أعمال الحياة السياسية العربية.