أحدث الأخبار
  • 09:21 . الاتحاد العالمي لمتضرري الإمارات... المزيد
  • 06:52 . السعودية تنفذ حكم القتل لمدان يمني متهم بقتل قائد التحالف بحضرموت... المزيد
  • 06:51 . بين توحيد الرسالة وتشديد الرقابة.. كيف ينعكس إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام على حرية الصحافة في الإمارات؟... المزيد
  • 06:41 . أمير قطر: كأس العرب جسّدت قيم الأخوّة والاحترام بين العرب... المزيد
  • 11:33 . "رويترز": اجتماع رفيع في باريس لبحث نزع سلاح "حزب الله"... المزيد
  • 11:32 . ترامب يلغي رسميا عقوبات "قيصر" على سوريا... المزيد
  • 11:32 . بعد تغيير موعد صلاة الجمعة.. تعديل دوام المدارس الخاصة في دبي... المزيد
  • 11:31 . "فيفا" يقر اقتسام الميدالية البرونزية في كأس العرب 2025 بين منتخبنا الوطني والسعودية... المزيد
  • 11:29 . اعتماد العمل عن بُعد لموظفي حكومة دبي الجمعة بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد

مجمع العربية.. ضرورة خليجية

الكـاتب : صالح عبد الرحمن المانع
تاريخ الخبر: 07-02-2015

قبل مئة عام تقريباً اجتمعت كوكبة من أدباء مصر يتقدمهم الأديب الشهير أحمد لطفي السيد والشيخ محمد عبده والشيخ السكندري وعدد من الأدباء والمثقفين المصريين لغرض إنشاء مجلس جديد يُعنى باللغة العربية وآدابها، ويقوي من اللغة الفصحى ويولّد كلمات ومصطلحات جديدة لبعض المصطلحات الأجنبية في هذه اللغة. وكانت اللغة العربية حينها قد تراجعت عما كانت عليه أيام ازدهار اللغة العربية في مصر في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، إبان الفترة الذهبية لحكم الدولة المملوكية في مصر. وقد كان الهاجس الرئيس لهؤلاء الأدباء وأساتذة اللغة هو طغيان اللهجة العامية الدارجة بين معظم طبقات الشعب، وحتى بين المثقفين والكتاب منهم. وتؤكد الباحثة الدكتورة «نيلي حنا» في بحثها المهم عن علاقة القوة باللغة، أن اللغة العربية عانت مرحلة انحطاط استمرت زهاء أربعة قرون منذ انتهاء سلطة دولة المماليك في مصر في القرن الخامس عشر، وعلوّ شأن الدولة العثمانية، وتركيز اهتمامها على تطوير اللغة العثمانية المشتقة من اللغات التركية والعربية والفارسية. وهذه العلاقة بين اللغة والقوة حينها، دفعت المثقفين والعلماء المصريين إلى تبني إنشاء مجمع اللغة العربية الذي كان وما زال إلى يومنا هذا حريصاً على خدمة اللغة ونشرها وتعميق جذورها في المجتمعات العربية.

وتبع إنشاء ذلك المجمع، إنشاء مجامع أخرى مماثلة في كل من بغداد ودمشق، وبغضّ النظر عن قدرة هذه المجامع على حفظ اللغة الفصحى من طغيان اللهجات الدارجة، فإن الأسباب التي دعت إلى إنشاء تلك المجامع لازالت قائمة، خاصة في مجتمعاتنا الخليجية التي تراجعت فيها لغة الآباء والأجداد أمام زحف اللغة الإنجليزية. ولم نعد نخشى تفشي استخدام اللهجات الدارجة، بل أصبحنا نخشى من ضياع حتى هذه اللهجات الدارجة أو العامية، أمام زحف اللغة الإنجليزية.

ومثلما خربت اللغة الفرنسية معظم اللهجات المحلية في الجزائر والمغرب العربي، وأصبح الناس هناك يتحدثون بهجين من لغة فرنسية وعربية، وكلاهما بشكل مكسور، أصبحنا في دول الخليج العربية نخلط اللغة العربية بالكثير من الإنجليزية وبعض من اللغة الهندية، بحيث قد نصبح بعد نحو عقد أو عقود من الزمن لا نتحدث العربية إطلاقاً، أو لا يفهمها أبناؤنا.

وربما برزت هذه الظاهرة بسبب طغيان التعليم باللغة الإنجليزية على مدارسنا وجامعاتنا، فأصبح الأطفال من سن الروضة لا يتحدثون مع بعضهم بعضاً أو حتى مع آبائهم أو أمهاتهم إلا باللغة الإنجليزية، واللغة الإنجليزية لغة جميلة، ولكن العربية أجمل، وأشعر شخصياً بالخجل في بعض الأحيان، من التواصل مع زملائي العرب بـ«الإيميل» باللغة الإنجليزية.

وقد أصبحت الشركات لا توظفّ إلا من تعلّم اللغة الإنجليزية وأجادها، وحين يفد الوافد إلينا ممن تعلّم اللغة العربية في بلاده، فإنه لن يتمكن من تطوير لغته العربية بسبب طغيان اللغة الإنجليزية على محادثاتنا وحياتنا اليومية، ولولا بعض القوانين الحكومية، لأصبحت اللغة الإنجليزية هي اللغة الوحيدة في المدارس والجامعات، وحتى في قوائم الطعام في المطاعم العامة.

وأرجو أن يفهم أن هذا الكاتب ليس ضد تعلّم اللغات الأجنبية الحيّة مثل اللغة الإنجليزية وغيرها، ولكننا إذا نسينا اللغة العربية، حتى الدارجة منها، أو تناسيناها، فإن لغتنا العربية ستكون لغة ميّتة، فاستخدام اللغة بشكل مكثف في الحياة اليومية هو الذي يمّدها بالديمومة والحياة.

وحين تزور اليابان، فإنك تدهش لاستخدام اللغة اليابانية في كل مكان، وكذلك على كل السلع بما في ذلك علب الأدوية. وتود لو أنهم أضافوا بعضاً من الإنجليزية لتلك السلع لتتمكن من معرفة محتوياتها. ومع ذلك فاليابان بلد صناعي، وتصّدر سلعها إلى معظم بلدان العالم.

وحين تزور وسط أفريقيا، فإنك تذهل من وجود نظامين مزدوجين للتعليم، أحدهما باللغة الفرنسية، والآخر باللغات المحلية، ومع ذلك فإن حظوظ من يتعلم باللغة المحلية لا تتعدى المرحلة المتوسطة، وتوازياً مع ذلك فإن أقرانهم ممن يتعلمون على المنهج الفرنسي يستمرون في تعليمهم العالي حتى الانتهاء من المرحلة الجامعية، وبعد ذلك يمكن أن يستمروا في التعليم العالي، أو الالتحاق بالعمل الحكومي، أو بالعمل في الشركات الأجنبية العاملة في البلاد.

وربما كان لظهور بعض الحركات الإرهابية وتفاقمها في بعض البلاد الأفريقية، مثل حركة «بوكو حرام» علاقة مباشرة بمثل هذا النوع المزدوج من التعليم وظهور حالات من الإحباط الهائل في صفوف بعض الشباب الذين ينخرطون بالعمل في مثل هذه المنظمات الإرهابية.

والحال أن الاهتمام باللغة الأم، مع عدم إهمال اللغات الحية الأخرى مثل اللغة الإنجليزية، يمكن أن ييسر علينا الحفاظ على هويتنا العربية، والعمل على أن تكون جزءاً من محيط عالمي وسوق كبرى تتخطى حدود دولنا وأقاليمنا، ولمثل هذا فلنضع سياساتنا التعليمية، بحيث لا نعلم أبناءنا اللغة العربية، فحسب، بل نعلم أيضاً الملايين من العمالة الأجنبية الوافدة، مثل هذه اللغة الجميلة.