أحدث الأخبار
  • 06:52 . السعودية تنفذ حكم القتل لمدان يمني متهم بقتل قائد التحالف بحضرموت... المزيد
  • 06:51 . بين توحيد الرسالة وتشديد الرقابة.. كيف ينعكس إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام على حرية الصحافة في الإمارات؟... المزيد
  • 06:41 . أمير قطر: كأس العرب جسّدت قيم الأخوّة والاحترام بين العرب... المزيد
  • 11:33 . "رويترز": اجتماع رفيع في باريس لبحث نزع سلاح "حزب الله"... المزيد
  • 11:32 . ترامب يلغي رسميا عقوبات "قيصر" على سوريا... المزيد
  • 11:32 . بعد تغيير موعد صلاة الجمعة.. تعديل دوام المدارس الخاصة في دبي... المزيد
  • 11:31 . "فيفا" يقر اقتسام الميدالية البرونزية في كأس العرب 2025 بين منتخبنا الوطني والسعودية... المزيد
  • 11:29 . اعتماد العمل عن بُعد لموظفي حكومة دبي الجمعة بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد
  • 11:46 . عبدالله بن زايد وروبيو يبحثان استقرار اليمن.. ما دلالات الاتصال في هذا التوقيت؟... المزيد

التضحية وحدها لا تكفي!

الكـاتب : سلمان العودة
تاريخ الخبر: 04-01-2015

إن العالم الإسلامي يتعرض لهيمنة الأقوياء واستحواذهم في غالب مواقعه، وعزة المسلم وأنفته لا تسمح له بأن يغضي على القذى، وفي الوقت ذاته فإمكانيات شاب عادي وقدراته الذهنية والعقلية والتربوية والمعلوماتية لا تمكِّنه من مضارعة هؤلاء ومنافستهم في شؤون الحياة ومنافستهم، ولا يجد البيئة الحاضنة التي تمنحه الفرص المتنوعة، فيتجه إلى خيار واحد، حيث يجد القوة والاستعداد في المقاومة.
ومع أننا لسنا في مقام منافسة ولا مقاربة مع كثير من شعوب العالم، إلا أننا في مقام التضحية نَبُزُّ هؤلاء جميعاً، وهذا جانب من جواب القوة والعظمة في الأمة، لكن ينبغي أن نضبط هذا الجانب بحيث لا يتحول إلى مسلك من العدمية، والبحث عن الموت بذاته، وأن ندرك أن التضحية وحدها لا تصنع مشروعًا، ولا تُقيم بناءً، ولا تبني حضارةً.
- مؤلم أن عطاء المسلم في مجال بناء المجتمع أو التصنيع والتقنية أو الاقتصاد أو الإعلام أو السياسة أو الأسرة أصبح ضعيفاً، وبالتالي يجد نفسه في جانب التضحية والموت أكثر مما يجدها في جانب الحياة..
إن التضحية إنما هي من أجل البناء، فإذا غلب جانب التضحية على جانب البناء، فقد تفوَّق الفرع على الأصل، والسبب على النتيجة!
- التفكير العسكري يسيطر حتى حينما نتحدث عن الصناعة والإعداد، فلا يذهب الذهن إلا إلى القوة العسكرية فحسب، وكأن الحياة كلها معركة، لا يهدأ أوارُها!
وننسى قوة المعرفة التي هي أساس التفوق، وقوة الاقتصاد، وقوة الإعلام المؤثِّر في عقول الأجيال، وقوة التربية والتعليم، وقوة الوحدة والتنسيق بين المكونات المختلفة!
- لدينا مشاريع فدائية عديدة، لكن كم لدينا من مشروع اقتصادي، أو تقني، أو إعلامي، أو دعوي، أو اجتماعي؟
وفي كل نموذج من هذه الأمثلة نجد عشرات القصص للأنبياء والصحابة والأئمة عبر التاريخ مما تزدحم به كتب السير..
- الموت حافز للفعل والمبادرة وملء الحياة بالعمل والإنجاز والبصمة المؤثِّرة، وكما قيل:
وكن رجلًا إن أتوا بعده *** يقولون: مرَّ وهذا الأثر!
أما الحديث عن الموت، كما يفعل بعض الوعاظ الذين يطيلون في وصف الفناء، وماذا يفعل الدود في الجسد، وكيف تبلى الرِّمم، فهو مما يصنع الكآبة، ولا يساعد على طاعة، ولا عبادة، ولا عمل، وليس هو من هدي الأنبياء، ولا من عمل الصالحين، ولا طريقة السلف الأولين.
إن الحياة تكليف وتشريف وتكريم لآدم، ولـمَن بعده من الذرية.
- وإذا كان الجهاد أحد شرائع الإسلام العظيمة، فهو معنى واسع، وليس بابًا واحدًا.
والمجاهد المقاتل قد يرجع بالأجر والمغنم..
وقد رأى الصحابة -رضي الله عنهم- رجلاً شديداً يمشي، فقالوا: يا رسولَ الله، لو كان هذا في سبيلِ الله! فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن كان خرجَ يَسْعَى على وَلَدِهِ صِغَارًا، فهو في سبيلِ الله، وإن كان خرجَ يَسْعَى على أبوَيْن شيخينِ كبِيرينِ، فهو في سبيلِ الله، وإن كان يسعَى على نفسه يُعِفُّهَا، فهو في سبيل الله، وإن كان خرجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً، فهو في سبيل الشيطانِ». (أخرجه الطبراني في «الكبير» من حديث كعبِ بن عُجْرَةَ رضي الله عنه، وأخرجه البيهقي، وفي «شعب الإيمان» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما).
وسأله رجلٌ: يا رسولَ الله، أيُّ الناس خيرٌ؟ فقال: «مَن طالَ عمره، وحسُنَ عمله».
وعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن المؤمنَ لا يزيدُه طولُ العمر إلا خيراً» (أخرجه أحمد، وهو حديث حسن).

وعن طلحة بن عُبيد الله رضي الله عنه، أن رجلين قدما على رسول الله، فأسلما معًا، وكان أحدهما أشد اجتهادًا، فغزا فاستشهد، ثم توفي الآخر بعده بسنة، قال طلحةُ: فرأيتُ في المنام بينا أنا عند باب الجنة، فخرج خارج فأذن للآخر، ثم خرج فأذن للشهيد، ثم قال لي: ارجع، فإنه لم يأنِ لك. فتعجبنا وسألنا رسولَ الله، فقال: «من أي ذلك تعجبون؟ أليس مكث بعده سنة؟ وأدرك رمضانَ، وصلَّى كذا؟ فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض» (أخرجه أحمد، وابن ماجه، وأبو يعلى، وابن حبان، والبيهقي، والضياء، وهو حديث صحيح).
فما بالك لو عاش بعده عشر سنين، أو عشرين سنة؟
في الجانب التعبدي المحض جانب القرب، التي هي علاقة العبد بربه من المحافظة على الصلوات والأذكار والسجود، يقول النبي -صلى عليه وسلم-: «إذا قرأ ابنُ آدمَ السجدةَ، فسجدَ، اعتزلَ الشيطانُ يبكي، يقولُ: يا وَيْلَه-وفي رواية: يا وَيْلي- أُمرَ ابنُ آدمَ بالسجود فسجدَ، فله الجنةُ، وأمرتُ بالسجود فأبيتُ، فلي النارُ» (أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
احسب كم سجد أخوه المتأخِّر في اليوم من مرة؟
كم سجد في الأسبوع؟
في الشهر؟
في السنة؟
في عشر سنوات؟
هذا كله فات على الذي رحل عن الحياة.
الكلمة التي لو وُضعت في كِفَّة، والسماوات والأرض في كِفَّة، لرجحت بهن: «لا إله إلا الله»، كم يستطيع الإنسان أن يقولها في اللحظة الواحدة والدقيقة الواحدة؟ فضلًا عن اليوم؟ وهو مضطر أن يقولها في الصلاة، وفي مناسبات كثيرة.
الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، التسبيح، التحميد، الاستغفار، التهليل، الشكر، حتى الكلمات التي يقولها الإنسان بعفوية، أن يقابل أخاه ويسلِّم عليه، فهذا فيه ثلاثون حسنة، و«السلام اسمٌ من أسماء الله تعالى»، ودعاء لأخيك المسلم، فإذا قال: ورحمة الله وبركاته، يكون ذكر الله ست مرات بهذا الكلام العفوي.
- الذي يحدث في حياتنا وسلوكنا من الخطأ والتصحيح والذنب والتوبة جزء من الحكمة والرحمة، والله قد يخلي بينك وبين الذنب لحكمة..
والموت انقطاع: «فإذا مات ابنُ آدمَ انقطع عمله»، وفات عليه أوان التوبة، فالله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.