أحدث الأخبار
  • 11:33 . "رويترز": اجتماع رفيع في باريس لبحث نزع سلاح "حزب الله"... المزيد
  • 11:32 . ترامب يلغي رسميا عقوبات "قيصر" على سوريا... المزيد
  • 11:32 . بعد تغيير موعد صلاة الجمعة.. تعديل دوام المدارس الخاصة في دبي... المزيد
  • 11:31 . "فيفا" يقر اقتسام الميدالية البرونزية في كأس العرب 2025 بين منتخبنا الوطني والسعودية... المزيد
  • 11:29 . اعتماد العمل عن بُعد لموظفي حكومة دبي الجمعة بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد
  • 11:46 . عبدالله بن زايد وروبيو يبحثان استقرار اليمن.. ما دلالات الاتصال في هذا التوقيت؟... المزيد
  • 11:38 . موقع عبري: أبوظبي تقف وراء أكبر صفقة في تاريخ “إلبيت” الإسرائيلية بقيمة 2.3 مليار دولار... المزيد
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد

تحيا تونس

الكـاتب : جمال خاشقجي
تاريخ الخبر: 25-10-2014

غداً (الأحد)، تحتفل البقية المتبقية المؤمنة بالربيع العربي بيوم من أيامها التاريخية المصيرية المباركة، إنها الانتخابات التونسية التي بنجاحها تحصل تونس على شهادة النجاة من نفسها «الأمّارة بالسوء»، التي وسوست لها غير مرة أن الديموقراطية فتنة، والعهد القديم بعجره وبجره هو الاستقرار، ومن أعداء الربيع العربي المرعوبين من سنن التغيير، الذين ما فتئوا يحفرون لها الكمائن لتتعثر، بل الأفضل لهم أن تنتكس تماماً وتعود سيرتها الأولى منتظمة في عهود الاستبداد المملوكي العربي الذي استقر بيننا ألف عام ونيف حتى حسبنا أنه الأصل وأنه قدر الله وحكمته علينا، فانفجرت مسيرة التغيير علينا أجمعين من بلد مجهول لغالب العرب وسط تونس في كانون الأول (ديسمبر) 2010، فأصبح ذلك التاريخ ولادة جديدة لنا ومن سيدي بوزيد محجاً للمؤمنين بتلك اللحظة التاريخية ومقاصدها.

نجاح الربيع العربي في تونس يؤكد أن ما حصل فيها قبل أربعة أعوام لم يكن حدثاً عارضاً وإنما حتمية تاريخية لا بد أن تنتصر لمن فَقُهَ علم التاريخ وسننه، من المؤمنين أنه السبيل الوحيد لإنقاذ العرب من مصيرهم المحتوم إذا ما بقيت اختياراتهم قاصرة على «داعش» أو الاستبداد. ما يحصل بجوار تونس، في ليبيا، ثم مصر فاليمن، وما هو أدهى وأمر في العراق وسورية، يؤكد أن المسار التونسي هو الصحيح، حيث الاحتكام للديموقراطية وأدواتها، ومن أبى فمصير بلاده الفتنة وانقسام المجتمع والاستقطاب وبث الكراهية بين أهل البلد الواحد، بل حتى الحرب والهلاك.

سيتابع كثيرون غداً صور التوانسة وهم يدلون بأصواتهم بكل حرية. سيبعث ذلك في من انتكس ربيعه أملاً وحسرة، ممن حمل آمالاً عراضاً في ذلك العام الراحل 2011 ببلد ينعم بسلام وحرية وعدالة ومساواة وإخاء، فانتهى معتقلاً، أو مطارداً، أو لاجئاً، أو حتى مقاتلاً يَقتل ويُقتَل، ومثلما كانت تونس شعلة ألهمته، فهي اليوم أمل له.

نجاح الربيع العربي هناك، لا يعني بالضرورة فوز «المستضعفين» الذين اعتقلهم أو شردهم نظام بن علي، كالإسلاميين أو اليساريين أو النقابيين الصادقين، ليس بالضرورة أن يفوز هؤلاء وإن كانوا الأجدر والأحق فهم من ناضلوا من أجل تلك اللحظة التاريخية، بل حتى لو فاز بها حزب «نداء تونس» وزعيمه الباجي قائد السبسي الذي لا ينتمي بسنّه المتقدم وهيئته وتاريخه وحديثه وتصريحاته وعلاقاته لزمن الربيع العربي، وإنما للعهد الذي أطاح به الربيع، لو فاز سيكون زعيم «النهضة» راشد الغنوشي أو الرئيس «الثوري» المنصف المرزوقي أول من يهنئه، ففوزه ديموقراطياً نجاح لتونس، وإيذان بتداول سلمي للسلطة، ولكن هذا إذا التزم بقواعد الربيع العربي وشروطه، وأولها «الديموقراطية الليبرالية» بشكلها وروحها، فلا يحول انتصاره وحزبه إلى إلغاء للآخر، أو ينكل به، ثم يتلاعب بأدوات الانتخاب لضمان أن يبقى هو وحزبه في السلطة، مثلما فعل بن علي ومَن قبلَه ومَن هم على شاكلته.

وهنا يحضرني تعريف جديد صغته متطوعاً لتحديد من «المتطرف» ومن «المعتدل» في عالمنا العربي. «من يقبل الديموقراطية الليبرالية وأدواتها من انتخاب وحرية رأي وتعبير، ويقبل بنتائجها ويلتزم بتداول سلمي للسلطة، ويحترم حقوق الخاسر فهو معتدل، ومن يرفض كل ما سبق أو بعضه فهو متطرف»، لو استخدمنا هذا التعريف في سورية أو ليبيا، نستطيع حينها أن نحدد الجهة التي تستحق الدعم والتعاون معها، والجهات التي يمكن إعلانها متطرفة فتُنبذ ويُضغط عليها حتى تستجيب وتُغير منهجها، ذلك أن الجهة التي ترفض الديموقراطية، ما هي إلا مشروع استبداد، مثل تنظيم «الدولة الإسلامية» و «جبهة النصرة»، بل حتى «الجبهة الإسلامية» التي ينظر إليها أنها معتدلة وتلقت مساعدات من كثير من دول المنطقة قد لا تتفق مع التعريف السابق، ذلك أنها تحت ضغوط التيارات السلفية الرافضة للديموقراطية، تحاشت في دستورها الإشارة إليها كمنهج لبناء سورية الجديدة. من دون الديموقراطية ومقتضياتها، فإن مصير بلد كسورية أو ليبيا هو الاقتتال إلى أن تتغلب فئة على الأخرى، فنعود في القرن الواحد والعشرين لفقه «المتغلب» الذي اضطر له الفقهاء ولم يختاروه.

سيهتف التونسيون غداً «نموت نموت ويحيا الوطن» ذلك الشطر المعبّر من نشيدهم الوطني، وهم يحتفلون بالحرية وإنجازهم الوطني، ولكن الموت عندهم استثناء، هو التضحية التي دفعها عشرات قلائل منهم منذ شرارة الربيع العربي التي أطلقوها في كانون الأول 2010، أما عند غيرهم ممن وصلتهم شرارة ربيعهم، أصبح الموت هو القاعدة، موت بالمئات، بالآلاف، بعشرات الآلاف، بمئات الآلاف، حتى تعب الموت عندهم من الموت، الفضل في ذلك يعود بعد الله إلى ديموقراطية صادقة احتكموا إليها، تحيا تونس.