أجرى ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد، مشاورات مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بعد وصوله القاهرة، مساء السبت.
وقالت وكالة أنباء الإمارات (وام)، إن "الشيخ محمد بن زايد بحث مع السيسي العلاقات الأخوية المتجذرة وسبل تنمية مختلف جوانب التعاون والعمل المشترك بين البلدين بما يحقق مصالحهما المتبادلة إضافة إلى آخر تطورات القضايا والملفات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، كما تطرق إلى مستجدات جائحة كورونا في البلدين والعالم والجهود المبذولة للحد من تداعياتها على مختلف المستويات".
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حرص دولة الإمارات الدائم على التنسيق والتشاور مع مصر فيما يتعلق بالملفات والأزمات الإقليمية وسبل التعامل معها.
من جانبه، كتب الشيخ محمد بن زايد عبر حسابه في تويتر: "التقيت أخي الرئيس عبدالفتاح السيسي في القاهرة.. بحثنا العلاقات الأخوية والإستراتيجية بين بلدينا الشقيقين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات. وتبادلنا وجهات النظر حول المستجدات الإقليمية والدولية، والتنسيق المشترك بشأنها بما يخدم أمن منطقتنا العربية واستقرارها ومصالح شعوبها".
وأشاد الشيخ محمد بن زايد بدور مصر "كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة، وبالتطور الكبير والنوعي الذي شهدته العلاقات المصرية الإماراتية في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية وغيرها، والنمو الملحوظ في معدل التبادل التجاري وحجم الاستثمارات"، حسب بيان الرئاسة المصرية.
بدوره، قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، في بيان، إن الجانبين بحثا العديد من الملفات في مقدمتها سد النهضة الإثيوبي، والاتفاق على مواصلة الجهود المشتركة للتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات القائمة في عدد من دول المنطقة.
وأشار متحدث الرئاسة المصرية إلى أن السيسي والشيخ محمد بن زايد اتفقا "على تعظيم التعاون والتنسيق المصري الإماراتي كدعامة أساسية لحماية الأمن القومي العربي، ومواجهة التدخلات الخارجية في الشؤون السيادية لدول المنطقة".
كما اتفق الجانبان على "العمل على بلورة رؤية شاملة لتطوير منظومة العمل العربي المشترك، بما يكفل تعزيز القدرات العربية على مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والتهديدات المتزايدة للأمن الإقليمي"، بحسب المتحدث.
وكان الرئيس المصري قد استقبل ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في مطار القاهرة لدى وصوله البلاد.
وكانت صحيفة "العربي الجديد" قد ذكرت في وقت سابق، أنّ هناك رابطاً قوياً بين زيارة الشيخ محمد بن زايد للقاهرة والمبادرة الأخيرة التي أعلنتها الإمارات لحلحلة قضية سد النهضة، والتي تحفظت عليها مصر والسودان، الشهر الماضي، ثم عاد وزير الري السوداني ياسر عباس اليوم للحديث عن بعض ملامحها، مشيراً إلى إمكانية تحويل السد إلى استثمار مشترك بين الدول الثلاث بعد ضخ أموال من الإمارات والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وذكرت الصحيفة، نقلاً عن مصادرها أنّ المباحثات ستتناول أيضاً الشأن الليبي، وتطور العلاقات المصرية التركية، والاستثمارات الإماراتية في مصر.
وخلال الشهر الماضي، بذلت أبوظبي جهوداً سرية لإقناع مصر والسودان بحلول فنية غير جذرية تمكن إثيوبيا في كل الأحوال من الملء الثاني للسد، وتحقق حالة مؤقتة من عدم الإضرار بالسودان ومصر، تنتهي بنهاية فترة الفيضان الحالية، مع عدم التوصل إلى اتفاق نهائي وملزم لجميع الأطراف يضع قيوداً على التصرفات الإثيوبية المستقبلية، لكن القاهرة استطاعت استمالة الخرطوم والإعلان مؤخراً عن رفض هذه الحلول، التي كان أبرزها الاكتفاء بتبادل المعلومات.
والخلاف بين مصر والإمارات في هذا الملف وفق الصحيفة، ما زال لم يخرج للعلن، لكن مؤشرات التوتر الواضحة كانت لها مقدمات على صُعُد مختلفة على مدار العامين الماضيين اللذين شهدا شداً وجذباً مكتوماً بين القاهرة وأبوظبي على خلفيات سياسية واقتصادية عديدة، أبرزها الخلاف حول طريقة التعامل مع الملف، وأخيراً تقاعس الإمارات في مد يد العون لمصر في أزمة كورونا الأخيرة بالتباطؤ الواضح في إرسال اللقاحات.
وتصاعد الحديث عن التعاون مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ مشروعات تنموية لوجستية ستؤثر سلباً على المقومات المصرية وأهمها قناة السويس، وذلك كله على الرغم من القشرة التي تغلف هذا الملف من تبادل لعبارات المحبة والإعزاز بين السيسي ومحمد بن زايد، والاتصالات والمشاورات المستمرة في جميع الملفات.
وحاولت الإمارات تجاوز حالة التوتر مع القاهرة، إعلامياً، بواسطة سياسة دعائية مكثفة عبر وسائل الإعلام، المملوكة لها، لصالح السيسي، تروج لإنجازاته وتهاجم معارضيه، بصورة يمكن أن تكون أكثر تطرفاً من وسائل الإعلام المصرية المحلية ذاتها، لكن هذه السياسة -التي تبدت في الاحتفالات المبالغ فيها بالقنوات الإماراتية بانتهاء أزمة قناة السويس- تفشل في إخفاء التوجهات الحقيقية للإمارات، بحسب الصحيفة.