أثار الإعلان الرسمي عن ترؤس وزير الخارجية عبد الله بن زايد الوفد الرسمي المشارك في مراسم التوقيع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل اليوم الثلاثاء في البيت الأبيض بحضور رئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب تساؤلات في واشنطن عن سر غياب ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد عن هذا الحدث.
وتعود آخر زيارة لمحمد بن زايد لواشنطن إلى مايو2017 رغم العلاقة الوثيقة التي تربطه مع ترامب وفريقه والتي بدأت باكرا، إذ كشفت واشنطن بوست أن بن زايد رتب اجتماعا سريا في يناير2017 بین إيريك برنس مؤسس شركة بلاك ووتر (أخته بیتسي وزيرة التعلیم في إدارة ترامب) وبین مسؤولین روس مقربین من الرئیس فلاديمیر بوتین في جزيرة سیشیل، وذلك لإقامة خط اتصال خلفي بین موسكو والرئیس الأميركي الجديد حينذاك.
وكانت هذه الخيوط بدأت مع محاولة محمد بن زايد المجيء سرا إلى مدينة نیويورك لیلتقي في برج ترامب مع 3 من مستشاري ترامب هم مايكل فلین وجاريد كوشنر وستیف بانون للاتفاق على تفاصیل الاجتماع.
وباءت محاولة محمد بن زايد بالسفر سرا إلى الولايات المتحدة بالفشل، مما يمثل خرقا للبروتوكول، إذ لم تخطر الإمارات إدارة أوباما قبل الزيارة، على الرغم من أن المسؤولین اكتشفوا ظهور اسم محمد بن زايد في أوراق شركات الطیران بالمصادفة.
حرج استمرار حصار قطر
ويرى مدير مؤسسة دراسات دول الخليج جورجيو كافيرو أن هناك أسبابا عديدة تقف وراء عدم زيارة محمد بن زايد لواشنطن منذ مايو 2017.
وفي حديث مع الجزيرة نت ذكر كافيرو أن "أول هذه الأسباب يتعلق بالحصار المفروض على قطر، والذي ترغب إدارة ترامب في إنهائه من قبل الإماراتيين والسعوديين".
واعتبر كافيرو أن "محمد بن زايد لا يريد وضعا يطلب منه فيه ترامب شخصيا إنهاء الحصار على قطر، وفي هذه الحالة سيرفض بن زايد طلب الرئيس ترامب في البيت الأبيض، وهو أمر محفوف بالمخاطر من وجهة نظر المصالح الإماراتية، أو سيجبر على الامتثال وتخفيف الضغط الكبير على قطر، وهو ما لا يريد القيام به".
مخاوف قضائية
من جهته، يعتقد بروس فاين مساعد وزير العدل الأميركي الأسبق أن "محمد بن زايد سيكون عرضة لمواجهة شكوى قضائية -طبقا لقانون حماية ضحايا التعذيب- من قبل مواطنين إماراتيين باعتباره متواطئا في التعذيب أو القتل".
وأضاف مساعد وزير العدل السابق في حديثه للجزيرة نت أن "محمد بن زايد ليس رئيسا للدولة ولا حصانة لديه من الدعوى في الولايات المتحدة بموجب قانون "تي في بي إيه" (TVPA) لحماية ضحايا التعذيب".
شبح تحقيقات مولر
لكن كريستيان أولريشسن من معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس بولاية تكساس يرى أنه "لا توجد معلومات موثقة متاحة بشأن ما إذا كان محمد بن زايد يستطيع أن يزور واشنطن، أو إذا ما كان توقفه عن زيارتها منذ مايو/أيار 2017 مرتبطا بأي شكل من الأشكال بتحقيقات روبرت مولر المتعلقة بالتدخل الروسي في انتخابات 2016".
وأضاف أولريشسن أنه "بالنظر إلى أن بن زايد كان زائرا متكررا لواشنطن على أساس سنوي قبل عام 2017 فإن غيابه عن زيارتها خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية يعد أمر لافتا للنظر، خاصة أنه كان حريصا على زيارة ترامب لدرجة أنه سافر إلى نيويورك خلال الفترة الانتقالية قبل بدء حكم ترامب في ديسمبر 2016 للقاء كبار مساعديه، ثم قام بما تبين أنها الزيارة الوحيدة إلى واشنطن خلال رئاسة ترامب في مايو 2017 قبل أسبوع فقط من سفر الرئيس ترامب إلى المملكة العربية السعودية لحضور قمة الرياض".
وكانت تقارير أميركية سابقة قد نشرت أن دور ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد كان محل اهتمام خاص من فريق مولر، خاصة ما يتعلق بلعبه دورا كبیرا في دعم الجهود الروسیة لإقامة قنوات تواصل سرية مع فريق دونالد ترامب قبل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة في الـ20 من يناير2017 .
حتى لا يغضب بايدن والديمقراطيون
وقبل 50 يوما من الانتخابات الرئاسية الأميركية لا يرغب بن زايد في الظهور في واشنطن بجوار الرئيس ترامب في ظل عدم اليقين المتعلق بنتائج الانتخابات المقبلة بحسب محلل السياسات بمؤسسة دراسات دول الخليج أنتونيو أوكشيتو.
وذكر أوكشيتو في حديث مع الجزيرة نت أنه "على الرغم من أنه لا توجد قضايا مرفوعة حاليا ضد محمد بن زايد في المحاكم الأميركية فإن ولي العهد الإماراتي حريص على عدم الظهور فيما يبدو بشكل متزايد على أنه جزء داعم لحملة إعادة انتخاب الرئيس ترامب".
وأضاف أوكشيتو "في الواقع، فإن إعادة انتخاب ترامب ستكون سيناريو ترحب به الإمارات العربية المتحدة، ومع ذلك لا يستطيع محمد بن زايد أن يخاطر بعلاقات بلاده مع جو بايدن والديمقراطيين، وأن يحول الدعم الأميركي للإمارات إلى قضية حزبية قبل أسابيع قليلة من انتخابات الثالث من نوفمبر المقبل".