أحدث الأخبار
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد
  • 06:39 . معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:22 . روائية أمريكية بارزة تقاطع "مهرجان طيران الإمارات للآداب" بسبب الحرب في السودان... المزيد
  • 05:07 . جيش الاحتلال يعلن مقتل زعيم المليشيات في غزة "ياسر أبو شباب" على يد مجهولين... المزيد
  • 11:35 . "المعاشات" تصفّر 8 خدمات رئيسية ضمن مبادرة تقليل البيروقراطية الحكومية... المزيد
  • 11:31 . "الأبيض" يخسر أمام الأردن 1–2 في افتتاح مشواره بكأس العرب... المزيد
  • 11:30 . سلطنة عُمان تنجح في إعادة طاقم سفينة "إتيرنيتي سي" من اليمن... المزيد
  • 10:12 . الإمارات تعلن تخصيص 15 مليون دولار للاستجابة للأزمة في السودان... المزيد
  • 06:56 . العفو الدولية تحث على منع أبوظبي من تسليح الدعم السريع... المزيد
  • 06:07 . اليمن.. قوات موالية لأبوظبي تسيطر على عاصمة وادي حضرموت ووفد سعودي يصل لاحتواء التوتر... المزيد
  • 11:58 . مفتي عُمان: العدوان على غزة يتصاعد رغم الاتفاق وندعو لتحرك دولي عاجل... المزيد

عقلية جديدة لا تحكمها مبادئ ولاقيم

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 31-08-2019

عقلية جديدة لا تحكمها مبادئ ولاقيم | القدس العربي

حاولت عبر السنوات القليلة الماضية فهم أسس وتركيبة ومنهجية عقلية بعض المسؤولين والكتاب والإعلاميين، في بعض بلدان الخليج العربي، من خلال محاولة فهم تصريحاتهم وكتاباتهم، ورسائلهم التي يرسلونها عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ولأن عقلية الإنسان محكومة بمبادئ مثل، العدالة والمساواة والحرية، وبقيم مثل، الموضوعية العلمية في النظر للأمور والتعاضد الإنساني في النظر لرزايا ومآسي الآخرين، والالتزام بثوابت تهم الأمة، فقد حرصت على أن أفتش عن نوع المبادئ والقيم التي تضبط تصريحات وكتابات ورسائل ذلك النفر من مسؤولي ومثقفي الخليج العربي.
لقد تبين لي أن المبادئ والقيم التي تحكم عقلية هؤلاء غير إنسانية، وغير أخلاقية، وغير موضوعية، ولا تحترم ثوابت هذه الأمة. وبالتالي فإن ما يقود عقلية هؤلاء لا صلة له بالمبادئ والقيم، وإنما هو خليط من ممارسة النفعية الوصولية الزبونية المادية والانتهازية السياسية ـ الاجتماعية في عبثية التسلق والظهور الإعلامي المؤقت الرخيص، أو التفاخر بالاستقلالية الذاتية الرافضة للالتزام بمصالح وحقوق غيرها.
لنأخذ مثالا الموضوع الفلسطيني، مأساة الغياب التام لأي مبادئ أو قيم قومية أو تضامنية، أو إنسانية أو أخلاقية تظهر في أقوال وكتابات وتصرفات لأفراد من تلك الجماعة، أشار إلى بعضها الكاتب الإماراتي العروبي المرحوم حبيب الصايغ في مقال نشرته جريدة «الخليج» الإماراتية منذ بضعة أيام. لقد أشار بالاسم إلى العديد من الإعلاميين الخليجيين، الذين زاروا الكيان الصهيوني بترتيب ومباركة من قبل السلطات الصهيونية في تل أبيب، وإلى الإعلاميين الذين قبلوا إجراء مقابلات مع القنوات التلفزيونية الصهيونية، وإعلان بعضهم أن لا مشكلة سياسية لنا مع الكيان الصهيوني الاستيطاني.

 وفي كل يوم تتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبارات الإعجاب بجيش الاحتلال الصهيوني، وكلمات التغزل والحب لذلك الكيان وصرخات الكراهية والاحتقار السمج للشعب العربي الفلسطيني. القائمة طويلة وعبقرية التفنن في انتقاء الكلمات البذيئة بحق الإخوة الفلسطينيين لا حدود لها.
نحن إذن أمام عقلية لا تلتزم بمبدأ العدالة عندما تقبل بأن يأتي برابرة أغراب ويحتلوا أرضا سكنها أناس عبر آلاف السنين، ويخرجوا أولئك البشر، قسرا وعنوة، إلى المنافي والملاجئ، ويبقوا الذين لم يتركوا أرضهم في سجن كبير يمارس فيه القمع والإذلال والتجويع، ويعتمدوا في كل ذلك على قوة استعمارية أمريكية، تسخر كل إمكانياتها المالية والسياسية والعسكرية لتجويع وإذلال وقهر الملايين من الفلسطينيين.

نحن أمام عقلية لا تلتزم حتى بقيم الأخوة الإنسانية والوقوف مع المظلوم في وجه الظالم. نحن أمام عقلية لا تحكمها حتى التزامات العروبة التضامنية، ولا حتى الرفض الساكت غير المعلن لاحتلال جزء من الوطن العربي الكبير. نعم، هذه مجموعة صغيرة جدا سينبذها المجتمع، إن عاجلا أو آجلا، وسيرفض أن تنتقل عدوى عقليتها المريضة إليه. لكن الطامة الكبرى في أن يقرأ الإنسان مقابلة مع كاتب أمريكي متخصص في الشأن العربي ـ الصهيوني، المؤلف نورمان فنكلستاين، بشأن ما يسمى «صفقة القرن» يوجه السائل إلى المؤلف السؤال التالي: ترى من يستفيد من هذا المشروع المليء بألف علة سياسية وفضائح مبدأية أخلاقية ظالمة؟ أهي أمريكا أم «إسرائيل»؟ يصفعك الجواب من شخص كتب عن الموضوع كثيرا من المقاولات والكتب، وبالتالي بالغ الإطلاع «لا أمريكا ولا إسرائيل»، بل إنها جهة خليجية تسعى لقيام حلف صهيوني ـ أمريكي – عربي.
لا يهمنا إن كانت الإجابة صحيحة أم خاطئة، فكونها تذكر بهذه الصورة المباشرة المفجعة، يجعلنا نشعر بأننا ما عدنا هنا أمام عقلية أفراد. إننا إمام عقلية سياسية لا تحكمها مبادئ ولا قيم ولا التزامات قومية، إن صح ما قاله المؤلف.
لقد كتبت من قبل وتحدثت عن الظاهرة الخليجية في تعاملها مع امتدادها العربي بخفة وسوء تقدير، لكن شيئا فشيئا، يتسع الفتق، لنجد أنفسنا أمام فوضى عقلية سياسية بامتياز.
لنأخذ مثالا ثانيا، هو تعامل بعض المثقفين الخليجيين مع موضوع محاولات العودة لتجزئة القطر اليمني إلى دولتين أو أكثر. لقد قرأنا كتابات واستمعنا إلى أحاديث ترى أن تاريخ اليمن الحديث وتكويناته القبلية والمذهبية، تجعل من محاولات الانفصال والتجزئة أمرا معقولا من أجل استقرار اليمن في المستقبل. 

لا يمكن للإنسان أن يرى في تلك الكتابات والأحاديث فقط عرضا لوجهات نظر. مرة أخرى، نحن أمام العقلية نفسها التي تتعامل مع مأساة عربية في اليمن، بعقلية ترفض أن يحكمها مبدأ ضرورة الوحدة العربية في وجه الأطماع والمخاطر الهائلة، التي تتعرض لها الأمة العربية في الجحيم الذي يعيشه حاليا الوطن العربي كله.

 وبدلا من تقديم المقترحات لتغيير مسار النمط السياسي الاستبدادي اليمني السابق، الذي قاد إلى رغبة البعض في الانفصال، ينصب هذا البعض نفسه داعيا لمسار تجزيئي سيقود إلى ضعف وتشرذم واستباحة اليمن في المستقبل، ليضاف اليمن إلى ما حل بالسودان وفلسطين، وإلى ما يراد أن يحل بسوريا والعراق وليبيا، وبعده ما سيحل بالآخرين النائمين حاليا في الخدر والكذب على النفس. مرة أخرى تطل العقلية الجديدة برأسها بعد أن تخلت عن المبادئ والقيم والآمال القومية.
كتبت هذا المقال، وأنا مدرك لحساسيته لدى البعض، بروح المحب لوطنه، المشفق على أمته، العاتب على ذلك النفر، ومنهم الأصدقاء والمعارف، لانخراطهم في أقوال وأفعال لا تقرها أخوة ولا تقبلها مبادئ وقيم.