أجمع خبراء في الرقابة الشرعية على المؤسسات المصرفية والمالية، على ضرورة إيجاد مفهوم الرقابة الشرعية الخارجية ليضاف إلى مستويات الرقابة الحالية التي تشمل الرقابة الشرعية الداخلية والرقابة الشرعية المركزية، من خلال الهيئة العليا الشرعية التابعة للمصرف المركزي، مؤيدين الخطوة التي تدرسها الهيئة العليا الشرعيّة للأنشطة المالية والمصرفية في دولة الإمارات والتابعة لمصرف الإمارات المركزي، بتعهيد بعض وظائف الرقابة الشرعية الداخلية لشركات خارجية، نظراً لما يمثله ذلك من شفافية وضمانة للمساهمين بأن أموالهم في وضع شرعي آمن.
وكانت الهيئة العليا الشرعيّة للأنشطة المالية والمصرفية التابعة لمصرف الإمارات المركزي قد اطلعت خلال اجتماعها مؤخراً على الطلبات المتعلقة بتعهيد بعض وظائف الرقابة الشرعية الداخلية لشركات خارجية واتخذت قراراً بشأن الوظائف الجوهرية المتعلقة بالحوكمة الشرعية التي يمكن تعهيدها والوظائف الأخرى التي لابد للمؤسسات المالية الإسلامية من تأسيسها داخلياً.
وقال الدكتور أحمد صالح المرزوقي، نائب الرئيس التنفيذي، رئيس الإدارة الشرعية بشركة موارد للتمويل، إن هناك 3 مستويات للرقابة الشرعية على البنوك والمؤسسات المالية وأولها الداخلي، بمعنى وجود لجنة أو إدارة داخلية في البنك تتولى مهمة الرقابة الشرعية.
وأضاف أن المستوى الثاني يتمثل في الرقابة الشرعية الخارجية، بحيث يتم الاستعانة بشركات خارجية متخصصة للتدقيق على الالتزام بالمعايير الشرعية.
ولفت إلى أن المستوى الثالث يتمثل في الرقابة الشرعية المركزية، بمعنى وجود هيئة عليا شرعية تابعة للمصرف المركزي.
وأوضح المرزوقي، أن التزام الدول بتطبيق مستويات الرقابة الشرعية يختلف من دولة إلى أخرى فهناك من يلتزم بالثلاثة مستويات وهناك من يلتزم بالرقابة المركزية فقط، في حين أن دولا مثل الإمارات كانت تطبيق مستويين للرقابة الشرعية الداخلية والمركزية على أساس أن وجود الرقابة الشرعية الخارجية يعد زيادة في التكلفة لا داعي لها.
واعتبر أن وجود مستوى ثالث للرقابة الشرعية على البنوك والمؤسسات المالية في الدولة من خلال تعهيد بعض الوظائف إلى شركات خارجية يعد أمراً نموذجياً، لأنه يمثل مزيداً من الشفافية والضمان للمساهمين، تطمئنهم على أن أموالهم في وضع شرعي آمن.
وبحسب المرزوقي، فإن وجود رقابة شرعية مركزية فقط يعد أمراً يصعب تطبيقه من الناحية العملية حيث سيكون من الصعب على الهيئة العليا الشرعية الرقابة على أعمال أكثر من بنك، وفي ظل زيادة حجم العمل قد يؤدي ذلك إلى نتائج رقابية ضعيفة.
وتابع «كما أن وجود رقابة شرعية خارجية فقط وإلغاء دور الرقابة الشرعية الداخلية، أمر غير صائب إذ إن الشركات الخارجية لن تكون على دراية بالأعمال وليس لديها القدرة على حل المشاكل اليومية أو الرقابة بشكل دقيق وذلك لأنها ستأتي للبنك أو المؤسسة المالية لفترة محددة أو لهدف معين ثم تغادر، مبيناً أن وجود لجنة أو إدارة داخلية في البنك تتولى مهمة الرقابة الشرعية يسهم في تسريع العمل واتخاذ القرار فضلاً عن إعطاء صورة أدق وأوضح للمساهمين من جهة أكثر دراية بالواقع عن المراقب الشرعي الخارجي».
وأكد المرزوقي، أن وجود رقابة شرعية خارجية أمر متعارف عليه وهو أمر مشابه لما يحدث من الناحية المحاسبية حيث يوجد 3 مستويات للرقابة المحاسبية وهي المدقق الداخلي في الشركة، مع الاعتماد على شركة تدقيق خارجي (مراقب الحسابات) إلى جانب وجود رقابة محاسبية من الجهات الرقابية الحكومية مثل دائرة الرقابة المالية وغيرها من الجهات الرسمية، مختتماً بالإشارة إلى أن سعي الإمارات للالتزام بأفضل المعايير في العمل المصرفي الإسلامي وريادتها في هذا المجال يعد تطوراً إيجابياً وله منافع تفوق بكثير العبء الذي قد ينتج من تحمل البنوك بعض التكلفة في سبيل الاستعانة بشركات خارجية لأداء بعض وظائف الرقابة الشرعية.
دمج المهام
من جهته قال أمجد نصر، مستشار التمويل الإسلامي، إن تعهيد بعض وظائف الرقابة الشرعية الداخلية لشركات خارجية أمر متعارف عليه ومطبق في عدد من الدول مثل البحرين، حيث طبق المصرف المركزي هناك هذا الأمر بالفعل.
وأوضح أن إدارة الرقابة الشرعية الداخلية تتبع الهيئة الشرعية العليا للبنك ذاته، وهي تمثل حلقة الوصل بين الهيئة الشرعية العليا للبنك والإدارة التنفيذية للبنك، كما أنها تتولى مهام متعددة مثل الرقابة على عمليات البنك للتأكد من تطابقها مع الشريعة الإسلامية، واعتماد المنتجات والخدمات التي يطرحها البنك من الناحية الشرعية، وكذلك تقديم الاستشارات وإعداد التقارير الشرعية، إلى جانب التدقيق على التزام البنك بالقرارات التي تصدرها كل من «الهيئة الشرعية العليا للبنك» و«الهيئة العليا الشرعية للمصرف المركزي»، والتي تم إيجادها مؤخراً.
ولفت إلى أن الكثير من الخبراء ارتأوا أنه من غير المناسب أن تجمع إدارة الرقابة الشرعية الداخلية في البنك بين مهمتي الرقابة والتدقيق بمعنى أن تكون مسؤولة عن اعتماد المنتجات ومراقبة العمليات مع التدقيق الشرعي في الوقت ذاته بما يحدث نوعاً من تعارض المصالح.
واقترح نصر، تطبيق نظام جديد للرقابة الشرعية على البنوك والمؤسسات المالية مطبق في السعودية وهو دمج إدارة الرقابة الشرعية الداخلية مع إدارة التدقيق الداخلي بحيث تتولى الأخيرة مهام التدقيق الداخلي مع التدقيق على التزام البنك أو المؤسسة المالية بالمتطلبات الشرعية، مشترطاً لحدوث ذلك إعداد الكفاءات والخبرات وتدريب العاملين في إدارة التدقيق الداخلي وحصولهم على الشهادات المهنية اللازمة لدمج مهام التدقيق الشرعي مع مهام التدقيق الداخلي. وشدد نصر، على ضرورة عدم الاكتفاء بدور المراقب الخارجي من خلال تعهيد مهام الرقابة الشرعية لشركات خارجية.
وعزا ذلك إلى أن وجود الرقابة الشرعية الداخلية ضرورة لاتخاذ القرارات بشكل أدق وأصوب مع إعطاء صورة كاملة عن كل العمليات المصرفية من حيث المخاطر والمخالفات إن وجدت.
وشدد على أن الالتزام بقواعد وإجراءات الحوكمة الصحيحة ضمانة لنجاح إدارة التدقيق الداخلي بالرقابة على أعمال البنك بالكامل وتوفير تقرير مستقل وصورة واضحة عن الالتزام بالمتطلبات الشرعية لكل من مجلس الإدارة، والمساهمين، والهيئة الشرعية العليا للبنك، وكذا الهيئة العليا الشرعية التابعة للمصرف المركزي، وداعياً في الوقت ذاته إلى الإبقاء على إدارة الرقابة الشرعية الداخلية في البنوك وبحيث تتولى مهام اعتماد المنتجات والخدمات المصرفية، وترجمة قرارات الهيئات العليا للرقابة الشرعية في إجراءات العمل في البنوك فضلاً عن مراقبة التنفيذ والالتزام بالقواعد الشرعية في كافة عمليات البنك اليومية.