قالت وكالة «بلومبيرغ»، إن شهية المستثمرين للمخاطرة قد عادت، لكن معظم المشاكل التي أدت إلى توتر المزاج العام في الأسواق الناشئة أخيرًا يمكن أن تعود ببساطة لتوتير الأجواء مرة أخرى، وعندما يحدث ذلك ستكون السندات الخليجية الملاذ الآمن لها.
وأضافت: أصبحت الديون السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي الآن جذابة، مقارنة مع سندات الدول التي تحمل نفس التصنيف، بسبب المخاطر السيادية في المنطقة، وتدفق مبيعات الديون والماليات العامة التي لم تتعاف بشكل كامل بعد من انهيار أسعار النفط.
يقول بريت رولي، المدير الإداري للأسواق الناشئة في شركة تي سي دبليو TCW التي تدير حوالي 200 مليار دولار، «رغم أن مصدري الديون السيادية في الشرق الأوسط ما زالوا عرضة لمخاطر كبيرة، فإن هناك علاوة كبيرة للمخاطر الجيوسياسية متضمنة في أسعار أصولها».
وعادت بلومبيرغ للقول إن ارتفاع أسعار النفط الخام واقترابها من مستويات 2014 أديا إلى تحسن المعنويات تجاه الديون في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة في ظل الإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها دول مثل السعودية، وفقاً لشركة تي سي دبليو، وشركة فرانكلين تمبلتون للاستثمارات.
وأشارت إلى أن سندات الخليج تقدم «قيمة ممتازة»، مقارنة مع غيرها من ديون الأسواق الناشئة ذات التصنيف المماثل وفقاً لأرقام كابيتال.
ويقول عبدالقادر حسين رئيس قسم الدخل الثابت في الشركة التي تتخذ من دبي مقراً لها إن علاوة المخاطر على السعودية وقطر مرتفعة للغاية، إذ يبلغ العائد على سندات السعودية التي تستحق في عام 2047 نحو %5.08 مقارنة مع عائد بنسبة %4.80 لسندات مماثلة من أندونيسيا، على الرغم من أن تصنيف المملكة أعلى بأربع درجات من أندونيسيا، من قبل وكالة موديز لخدمات المستثمرين، كما أن العائد على ديون قطر المستحقة في عام 2028 يبلغ %4.41، أي بزيادة 20 نقطة أساس عن سندات المكسيك ذات الاستحقاق نفسه، المصنفة بثلاث درجات أقل.
ويضيف حسين أن البحرين وسلطنة عمان لديهما ماليات عامة هي الأضعف في دول «الخليجي» وتواجهان «اتجاهات ائتمانية سلبية محددة» لكنهما لا تزالان رخيصتين مقارنة بأقرانهما، فعائدا ديون البحرين مشابهة لتلك التي تصدرها دول ذات تصنيف أقل مثل غانا وأثيوبيا والغابون.
وذكر أن عمان تتداول بمستويات مماثلة لتركية التي هي عرضة لتقلبات العملات الأجنبية وعدم اليقين السياسي، مضيفاً «في أوقات التقلبات المفرطة، قد يكون الشرق الأوسط مكاناً أفضل للجوء إليه».
ولفت إلى أنه يهيمن على سوق الديون في المنطقة مستثمرون يشترون ويحتفظون بالدين، لذا تميل السوق الى ان تكون أقل تقلبا خلال أي عمليات بيع كبيرة، على الرغم من ان عروض السندات الأخيرة والسيولة تقل الآن عما كانت عليه عندما كان سعر النفط 100 دولار للبرميل.
ويتابع حسين قائلا إن خطر تراجع أسعار السندات بسبب الاصدارات الجديدة قد تلاشى بعد أن باعت السعودية أكبر مقترض في المنطقة، وقطر ما قيمته 23 مليار دولار من السندات الاسبوع الماضي. وتقلص الفارق على السندات الخليجية للمرة الاولى في اربعة ايام الى 222 نقطة أساس فوق سندات الخزانة يوم الاربعاء الماضي، بعد أن وصل الى أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2016 في اليوم السابق، وفقا لقياس جي بي مورغان آند تشيس.
وقامت قطر بأول دخول لها لسوق الديون الدولية منذ أن بدأت مجموعة من الدول العربية، بقيادة السعودية، مقاطعتها بتهمة تمويل الارهاب، وهو ما تنفيه قطر إذ جذبت مبيعات السندات من قبل قطر والسعودية طلبات بأكثر من 100 مليار دولار مجتمعة، على الرغم من انها كانت مسعرة قبل الغارة التي قادتها الولايات المتحدة على سوريا مؤخرا.
وعلى الرغم من ان الجغرافيا السياسية كانت دائما مدخلا مهما للاستثمار في الشرق الاوسط، إلا أن أكبر قلق هو عدم اليقين المحيط بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة. بحسب رولي من شركة تي سي دبليو، مضيفا «لا نزال نشعر بالقلق من سوء الحسابات المحتملة من قبل مختلف الجهات الفاعلة في المنطقة».
وارتفعت أسعار النفط وسط توقعات بأنه سيعاد فرض عقوبات على إيران بعد ان عين الرئيس الأميركي دونالد ترامب صقري السياسة جون بولتون ومايك بومبيو مستشارا للأمن القومي ووزيرا للخارجية على التوالي.
لكن محيي الدين قرنفل، كبير مسؤولي الاستثمار في الصكوك العالمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة فرانكلين تمبليتون للاستثمارات، يقول ان الأسوأ ربما يكون قد انتهى في منطقة الخليج، إذ بدأت الاصلاحات الهيكلية وادخال الضرائب إجراءات خفض العجز في الموازنات العامة تؤتي ثمارها، مضيفاً ان الجزء الأكبر من التخفيضات التصنيفية تجاوزتها معظم البلدان.
وقال قرنفل «لقد كنا في موقف دفاعي في الجزء الأكبر من الأشهر الــ12 الماضية، نشعر الآن ان سوق الدخل الثابت في دول «الخليجي» يخرج من ثلاث سنوات صعبة نسبياً».