سلطت الحادثة المفجعة التي أودت بحياة ثلاثة أطفال إثر سقوطهم في بئر قبل أيام في مدينة العين، الضوء على الحوادث المتكررة التي راح ضحيتها العديد من الأطفال سواء في حوادث الدهس أو الغرق أو السقوط عن شرفات المنازل وغيرها من الحوادث الأليمة، ما يثير التساؤلات عن دور قانون حماية الطفل وغيرها من التشريعات في وقف مسلسل حوادث الأطفال في الدولة.
حوادث متكررة
حادثة السقوط في البئر والتي أودت بحياة 3 أطفال وإصابة رابع وهم 3 ذكور وبنت تتراوح أعمارهم بين 4 و 5 سنوات، بينما كانوا يلهون على الغطاء الخشبي للبئر، ما أدى إلى سقوطهم، سبقتها عدة حوادث خلال الشهر الحالي ومنها وفاة طفلة مواطنة تبلغ من العمر عامين نتيجة غرقها في حوض سباحة بمنزل ذويها في منطقة البثنة التابعة لإمارة الفجيرة.
كما شهد شهر أكتوبر وفاة طفل (12 عاماً) إثر سقوطه من أعلى سطح منزله في منطقة أم غاقة بالعين أثناء محاولة تثبيت على الدولة احتفالاً بيوم العلم، فيما توفي طفل يبلغ من العمر سنتين إثر سقوطه من نافذة مركبة يقودها والده في رأس الخيمة.
وفي الآونة الأخيرة تكررت الحوادث تجاه الأطفال بين غرق وحوادث دهس وسقوط من الشرفات أو نسيانهم في السيارات وموتهم اختناقا، بالإضافة للحوادث المنزلية الأخرى المفاجئة والتي يتعرضون لها بصورة مستمرة وفي كل مرة تكون النتيجة مفجعة.
ولعل أبرز الحوادث التي راح ضحيتها أطفال تمثلت بحوادث السقوط عن الشرفات، ففي دبي وحدها سجلت خمس حالات وفاة لأطفال حتى نهاية شهر أيلول الماضي نتيجة حوادث السقوط عن الشرفات فيما أصيب طفل سادس بالشلل، فيما توفي سبعة أطفال خلال العام الماضي لذات السبب، فيما سجلت خمس حوادث سقوط للأطفال عن الشرفات في إمارة الشارقة خلال شهري تموز وآب من العام الحالي.
كما وقعت عدة حوادث اعتداء على الأطفال في المدارس سواء لفظياً أو جسدياً وجنسياً، حيث أثار خبر سابق عن تعرض طفلة في السابعة من العمر للاغتصاب على يد عامل في مدرستها داخل حرم المدرسة اهتمام الإعلام الإماراتي المحلي، خصوصا في ظل ارتفاع ملحوظ في تقارير الإعلام حول حوادث التحرش بالأطفال، حيث انطلقت العديد من المطالبات بضمان أمن الأطفال وسلامتهم في المدارس والمؤسسات الأخرى التي يرتادونها.
مسؤولية رسمية وأهلية
لذا فإن حادثة البئر في مدينة العين تسلط الضوء على مسؤولية السلطات المحلية في المدينة تجاه عدم توفير وسائل السلامة للمواطنين، كما أن الحوادث المتكررة لسقوط الأطفال والتي يقع معظمها نتيجة إهمال الأهالي لأطفالهم تثير التساؤلات حول فاعلية قانون حماية الطفل والذي سوقته وزارة تنمية المجتمع إعلاميا، وما تبعه من تعديلات شملت وضع عقوبات لأولياء الأمور الذين يتسبب إهمالهم في تكرار الحوادث القاتلة لأطفالهم.
ورغم أهمية تشديد العقوبات في محاسبة من يتهم بالتقصير والإهمال تجاه الأطفال، والتشريعات الخاصة بتأمين متطلبات الوقاية والسلامة لا سيما في الأبنية والمنازل لمنع وقوع حوادث السقوط المتكررة، يؤكد تربويون ضرورة أن تقوم السلطات بتوفير الجانب التوعوي تجاه الأهالي في معالجة هذه الظاهرة.
ومع استمرار المطالبات بوضع قوانين وقواعد اتحادية تحد من مشكلة سقوط الأطفال، يؤكد خبراء أن تطبيق قواعد السلامة ليست سوى الخطوة الأولى على طريق حماية الأطفال، فمن الواجب على الآباء والأمهات ومقدمي الرعاية الاجتماعية لعب دور هام في هذه القضية أيضا، حيث تكمن المشكلة الحقيقية في عدم وجود ثقافة بمعايير السلامة بين كثير من أفراد المجتمع.
حماية الطفل ليس بالعقوبات
تنص المادة 35 من قانون حقوق الطفل "وديمة" الذي دخل حيز التنفيذ في يونيو الماضي على ضرورة معاقبة الآباء المسؤولين عن وفاة أطفالهم نتيجة سقوطهم من أماكن مرتفعة أو بسبب أي نوع آخر من الإهمال.
و تنص المادة 60 من مشروع القانون على تغريم الآباء المهملين بمبلغ 5.000 درهم بالإضافة إلى السجن لمدة لا تقل عن عام واحد، مع تحذير من ترك الأطفال دون مراقبة في المنزل، وعدم الاعتناء على الخادمات، بالإضافة إلى ضرورة توفير وسائل الأمان والسلامة في المنازل.
كما أطلق مجلس أبوظبي للتعليم خلال شهر سبتمبر الماضي سياسة حماية الطفل الأولى، الذي يستفيد منه جميع طلبة المدارس الحكومية والخاصة على حد سواء والذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً على مستوى أبوظبي لحماية الطلبة لتحديد ودعم الطلبة الذي قد عانوا من أي شكل من أشكال الإساءة والإهمال وذلك طبقاً للقانون الاتحادي رقم 3 لعام 2016 بشأن حقوق الطفل واسترشاداً بالمعايير الدولية لحماية الطفل، مما يستدعي ضرورة تفعيل هذه السياسة وتعميمها على مختلف مدارس الدولة.
ومع ذلك، فإن الطفل بحاجة إلى حماية بمزيد من نشر الوعي في أوساط الأهالي والأطفال أنفسهم أكثر من تحديد عقوبات ثبت أن وجودها لم يمنع أي فاجعة إنسانية في أطفالنا.
إذ لوحظ مع زيادة الحديث الإعلامي عن قانون حقوق الطفل، وعن سياسة حماية الطفل التي أعلن عنها مجلس أبوظبي للتعليم وما يطالب به المجلس على لسان مديره على راشد النعيمي أو ضاحي خلفان من ضرورة تواجد عناصر أمن في المدارس- يلاحظ زيادة في عدد الحوادث التي يتعرض لها الأطفال والتي تودي بحياتهم أو تعرضهم لمخاطر صحية وكسور في أحسن الأحوال، ما يدفع بالتساؤل عن مدى جدية الاهتمام بالطفل وحقوقه أم أن الغاية من هذه الإعلانات المختلفة دعائي وحملة علاقات عامة لهذه الجهة أو تلك على حساب أمن وسلامة أطفالنا.