في ذات الوقت الذي كان يتحدث فيه وزير الشؤون الخارجية أنور قرقاش أمام الدورة 31 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف عن "النموذج المثالي" لأوضاع حقوق الإنسان في الدولة كانت الخارجية الأمريكية تنتقد اعتقال مواطنين أمريكيين من أصول ليبية وتشير إلى أنهم تعرضوا للتعذيب والاختفاء القسري 500 يوم، والآن يتعرضون لمحاكمة على اتهامات توجه لهم بعد نحو 18 شهرا من اعتقالهم. وإلى جانب ذلك، تقارير وإفادات منظمات حقوقية دولية توثق الانتهاكات الحقوقية الواقعة على معتقلي الرأي الإماراتيين أو المقيمين.

حقوق الإنسان ركيزة؟!

كالعادة، فإن المسؤولين الإماراتيين يتبنون مسائل جزئية صغيرة للغاية من قضايا حقوق الإنسان، ويطرحونها على أنها الكل الذي يؤدونه بنموذج مثالي. وزعم قرقاش، "إن تعزيز قيم التسامح والتماسك الاجتماعي وحقوق الإنسان هي ركائز أساسية لتحقيق الاستقرار في منطقتنا إلى جانب مواجهة التطرف وتعزيز الازدهار". 

ورغم اعتراف قرقاش بهذه الأهمية، إلا أن جميع جهود أبوظبي لا تسير في هذا الاتجاه على الإطلاق وسط استمرار انتهاكات وجرائم حقوق الإنسان التي تتمثل بالاختفاء القسري لمثقفين وناشطين إماراتيين (بن غيث، وعائلة الشهيد العبدولي) أمثلة قائمة، وناشطين عربا (تيسير النجار من الأردن، و المعتقلون الليبيون)، نماذج أخرى. 

فضلا عن تحويل معظم أنشطة الحرية في الرأي وحرية التعبير عنه إلى جرائم من خلال تشديد القوانين وزيادة عدد القضايا المنظورة أمام محكمة أمن الدولة، ليس بسبب زيادة "الجرائم" وإنما بسبب التوسع في تحويل أنشطة التعبير عن الرأي والحقوق إلى جرائم إرهابية.

تعهدات طوعية مؤجلة

وأضاف قرقاش، "إن التعهدات الطوعية التي قطعناها على أنفسنا عندما أعلنا عن ترشيحنا لعضوية المجلس هي بالفعل قيد التنفيذ". 

وبمراجعة "الإمارات 71" بعض التعهدات، تبين أن ابوظبي أعلنت موافقة "إعلامية" فقط دون تنفيذها. ومن هذه التوصيات:

وكانت قالت صحيفة "واشنطن بوست" مؤخرا أن قاضي محاكمة الليبيين، رضخ لضغوط الأمم المتحدة للتحقيق بتعرض هؤلاء المعتقلين للتعذيب بعد تأكد المنظمة الأممية من تعذيبهم للاعتارف "كذبا" بدعمهم للإرهاب، وفق الأمم المتحدة.

جهود داخلية

وزعم قرقاش، "إن عملنا لتعزيز حماية حقوق الإنسان على الصعيد الوطني مستمر في العديد من المجالات واليوم أود أن أسلط الضوء على أوجه تقدم محددة تم إحرازها في مجال المساواة بين الجنسين ولصالح الأطفال بمن فيهم الفتيات فضلا عن صون إجراءات حماية العمال".

تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2016 عن حقوق الإنسان في الدولة أعاد التأكيد على الانتهاكات الحقوقية المستمرة ضد حقوق الإنسان في الإمارات موثقا عشرات الحالات من الاختفاء القسري والقوانين المقيدة للحريات وتدخل جهاز الأمن في مختلف مجالات الحياة واعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان، والانتهاكات الحقوقية الواقعة على العمال أيضا رغم ما تدعيه أبوظبي من تحسين ظروف العمال والعمل، وأشارت المنظمة الحقوقية وغيرها من منظمات حقوقية إلى ظروف العمل في جزيرة السعديات، على أنها مثال مؤلم لانتهاك حقوق العمال.

مواقف خارجية

وقال قرقاش، "تواجه منطقتنا صراعات متعددة ومطولة ترتبط بمسألة انتهاك الحقوق الأساسية"، وأضاف، "يجب علينا أن نقف معًا للتصدي لهذه التحديات المشتركة ونحن نعمل مع الأصدقاء والحلفاء لبذل المزيد من الجهد للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بالصراع في منطقتنا". 

وقد وثقت مراسلات دبلوماسية رسمية لدبلوماسيين إماراتيين، و وسائل إعلام أجنبية وعربية ووثائق أن أبوظبي تقوم بدور "سلبي" في أزمات المنطقة ودعم الأنظمة الاستبدادية في مصر وسوريا والعراق، وتمول الثورة المضادة في ليبيا منعا لإحلال السلام في ليبيا ودعما للحرب الأهلية، وفق ما كشفت صحيفة الغارديان والواشنطن بوست في نوفمبر الماضي.

و أفادت مصادر خاصة مؤخرا لـ"الإمارات71" عن انتهاك أبوظبي للحظر الدولي المفروض على تصدير السلاح إلى ليبيا وذلك بإرسال مدرعات عسكرية تقاتل حاليا في بنغازي، إلى جانب وثائق سابقة تؤكد أن أبوظبي مورد رئيس للسلاح لمليشيا حفتر.

كما تقدم أبوظبي غطاء دبلوماسيا واسع النطاق لانتهاكات نظام السيسي لحقوق الإنسان في مصر، وتغطي انتهاكات حكومة طبرق التي أكدتها الأمم المتحدة الأحد(28|2)، وذلك بزعمها أن حكومة طبرق هي الشرعية ويجب على المجتمع الدولي التنسيق معها في محاربة الإرهاب، بينما دافعت عن ارتكاب نظام السيسي مجزرتي رابعة والنهضة، بل واعترف الهارب أحمد شفيق أن الداخلية الإماراتية زودت الداخلية المصرية والجيش المصري بذخيرة لفض الاعتصامات.