يرمز نُصب الجندي المجهول الذي يكادتخلو دولة في العالم من وجوده إلى الجنود المجهولين الذي يضحون بدمائهم وحياتهم دون معرفة هوياتهم. هذا المعنى والقيمة الحقيقية أخذ يرمز معنويا لكل "جندي مجهول" في مجال عمله للتعبير عن التضحية حينا أو لنكران الذات حينا آخر، أو لحماية أنشطتهم حينا آخر لأسباب أمنية وموضوعية.
"وثائقي جوانتامو الإمارات" الذي شاهده خلال الأيام القليلة الأولى من عرضه على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من 30 ألف، ونحو 3.5 مليون طالعوا التغريدات بشأنه وقف وراءه جنود مجهولون ناشطون في مجال حقوق الإنسان، ليس هدفهم الشهرة أو المنافسة على "الإعجابات" وإنما همهم الوحيد هو الكشف عن حجم الانتهاكات الحقوقية في الدولة والتي تقع بصفة خاصة على معتقلي الرأي في سجن الرزين.
الموقع الإخباري "شؤون خليجية" أجرى لقاء مع بعض هؤلاء الجنود الحقوقيين المجهولين الذين أثمر جهدهم عن إنتاج أحد أهم "البرامج الوثائقية" عن معتقلي الرأي وسجن الرزين.
يقول الموقع السعودي المعارض، "حرص "شؤون خليجية" على التواصل مع الناشطين المسؤولين عن تصوير الفيديو، ونشره لينقلوا لنا ملابسات تصويره، وحقيقة ما يجري في سجن الرزين".
وتابع، "عرف المسؤولون عن الفيديو أنفسهم بأنهم نشطاء إماراتيون وخليجيون يدافعون عن حقوق الإنسان في الإمارات والخليج، ولاسيما قضايا معتقلي الرأي".
وحول ما يجري في سجن الرزين، قال النشطاء: "إن الفيديو ينقل صورة جوية للسجن توضح أنه يتكون من ١٠ عنابر"، وأن أبرز الانتهاكات الواضحة من تقسيم العنابر أنها وحدت لتفصل بين المعتقلين السياسيين، وليس تقسيمهم فحسب، وأضافوا: أنه "يمنع التواصل مع أي عنبر مجاور ولو بالسلام، وأن عقوبة مجرد إلقاء السلام من قبل معتقل على عنبر مجاور له، هو الوضع في حبس انفرادي لمدة أسبوع".
وتابع النشطاء قائلين: إن "المعتقلين يتعرضون لأسوأ أنواع المعاملة اللاإنسانية، وتتم مصادرة ومنع جميع الحقوق البشرية لهم من قبل السجانين وإدارة السجن وحتى من النيابة"، ولفتوا إلى الانتهاك الأشد على المعتقلين هو منعهم من الاتصال بأهلهم، والتنصت على جميع مكالماتهم، وقطع الخط بشكل متكرر بدون سبب".
وأكدوا أن الانتهاكات بشكل عام في معتقل الرزين كثيرة جدًا يدل عليها وصف المعتقل الدكتور محمد الركن لحالهم بقوله :"رهائن في الرزين لا معتقلين".
وأضاف النشطاء: "الجهات الحكومية لا تصرح بأي شيء، والأسوأ هو بطش جهاز الأمن الذي يسبب تخوفًا لدى أسر المعتقلين من التواصل مع الجمعيات الحقوقية الدولية والإعلام، للتساؤل عن مصير أبنائهم المعتقلين"، مشيرين إلى أن ذلك يشكل عائقًا لدى الحقوقيين في معرفة تفاصيل عن جنسيات وأعداد المعتقلين. ولفتوا إلى أنه وعلى الرغم من غياب الشفافية، فإن بسجون الإمارات مئات المعتقلين الأمنيين غالبيتهم عرب، منهم مصريون وليبيون وتونسيون ويمنيون وفلسطينيون وسوريون وغيرهم.
وقال النشطاء: "إن الجهات الرسمية تعمل جاهدة على إخفاء هذه الصورة الوحشية من خلال التقارير الإعلامية، التي تصور حالة السجناء الجنائيين وما يتم إعطاؤه لهم من حقوق كفلها قانون المؤسسات العقابية، ولكن يتم تضخيمها وإبرازها كمكرمات ودلائل عدالة ورحمة من الجهات الأمنية في التعامل مع السجناء". منبهين إلى أن الصورة التي ينقلها الإعلام هي صورة "مجتزئة ومصطنعة، ولا تعكس المآسي التي يتعرض لها معتقلو الرأي في سجون جهاز أمن الدولة وسجون وزارة الداخلية".