في مفارقة واضحة في تعامل محكمة أمن الدولة مع المتهمين الإماراتيين ومع غير الإماراتيين الذين تنظر قضاياهم مهدت المحكمة لتبرئة متهم خليجي في حين أظهرت تشددا في التعامل مع متهمين إماراتيين رغم عدم صدور أي إدانة أو براءة لأي منهم إلا أن طريقة التعامل واللغة التي استخدمتها المحكمة ووسائل إعلام حكومية يكشف التمييز في التعامل بين متهم وآخر.
التمهيد لتبرئة خليجي
على خلاف العادة وما تمارسه محكمة أمن الدولة، فقد سمحت بنشر أجزاء من مرافعة شفهية قدمها محامي المتهم (معاوية. ر 24 عاماً خليجي)، تناقش وتبرر ما نسب للمتهم من اتهامات، إضافة إلى نشر أقوال المتهم ذاته و"طمأنة" القاضي له بصورة وصفها ناشطون "بالعاطفية".
ومما قاله، "المتهم اعترف بما نسب إليه، مبرراً ذلك بالرد على بعض الشتائم من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وأضاف أنه أنشأها في العام 2011، وأغلقها بعد سنتين فيما تم القبض عليه في العام 2015، وأنه عدل عن تلك الأفكار التي دعا لها".
وأشار المحامي أن "النيابة لم تقدم ما يفيد على أن آراءه التي نشرها تسببت في إشكاليات دبلوماسية بين البلدين"، كما دفع في مرافعته بحالة موكله المرضية، وقدم تقريرا يفيد أنه مصاب بمرض نفسي يسمى "ثنائية القطب"، وهو مرض يصيب الشخص، ويسبب له اضطرابات نفسية ويتصرف لا إراديا، ولا يعي تصرفاته ولا يدرك ما يبدر منه وربما أقدم على أذية نفسه وقد أقدم على الانتحار تحت حالة اللاوعي"، ليتساءل ناشطون، متى كانت المحكمة حريصة على تفسير مرض بصورة تدفع ببراءته؟
وتابعت صحيفة "الاتحاد"، "ثم تحدث المتهم وقدم عزاءه في شهداء الوطن، وقال "أنا أحب الإمارات ومعها، وما بدر مني كان منذ 5 سنوات، كنت صغيرا حينها لم يتجاوز عمري ال 19 سنة، ولو كنت كارها للإمارات لما حضرت إليها". و"طالب بعرضه على طبيب لمراقبة سلوكه بعد تناول العقاقير حيث يلاحظ تفاوتا في حالته بين حالات الهياج والهدوء، وقال سئمت من التقلبات التي أعيشها، لدي اضطراب في النوم واكتئاب حاد ولا أريد أن أقتل نفسي"، وفق وصف "الاتحاد".
وقد أمرت المحكمة بمخاطبة المستشفى وموافاتها بتقرير عن حالته النفسية والعصبية وتمكينه من زيارة طبيب مختص للإشراف على علاجه ولقاء ذويه، ويلاحظ الناشطون أن المحكمة تبنت رواية مرض المتهم والإقرار بمرضه بل وطلب معاجته قبل التقرير الطبي الذي يجب أن يخضع له المتهم.
وختمت "الاتحاد"، "أكد المستشار فلاح الهاجري للمتهم أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، قائلا: أبشرك أن العدالة ستأخذ مجراها وفق القانون. وقرر تأجيل القضية لجلسة 19 من أكتوبر الجاري" كما ورد حرفيا في صحيفة الاتحاد.
تجريم متهمين إماراتيين
وحول المتهم الإماراتي فقد "نظرت المحكمة في قضية (عبدالله.س. ظ 27 عاما إماراتي)، بتهمة إنشاء وإدارة موقعين إلكترونيين على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وآخر على انستغرام ونشر عليهما معلومات لتنظيم إرهابي هو تنظيم «إخوان المسلمين» للتحبيذ لأفكاره ونشر معلومات وأفكار وأخبار بقصد الإضرار بسمعة وهيبة ومكانة الدولة، بأن نعتها بمحاربة المسلمة العفيفة والحجاب وإلصاقه بالإرهاب»، وأهان القيادة"، على حد تعبير المحكمة والصحيفة.
وأصدر الصحيفة حكمها على المتهم قائلة، "بذلك يكون المتهم قد ارتكب الجناية المؤثمة طبقاً للمواد 1,26,29 من القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات والمادة 176 من قانون العقوبات الاتحادي".
وتابعت الصحيفة، "طالب صقر سيف رئيس نيابة أمن الدولة بمعاقبة المتهم عن التهمة المسندة إليه طبقا لمواد الاتهام وقائمة أدلة الثبوت مع استمرار حبسه.
وفي قضية المتهم الإماراتي الثاني، قالت الصحيفة، "كما عقدت جلسة للنظر في الاتهام الموجه للمتهم (محمد.س.م) بالانضمام للتنظيم السري غير المشروع والمقضي بحله بموجب الحكم الصادر، والذي يدعو لمناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة بهدف الاستيلاء عليه مع علمه بأغراضه، وذلك بأن شارك في الأعمال المسندة إليه من قبل إدارة التنظيم، فاختص بعضوية مكتب دبي التابع إدارياً لهيكل التنظيم دعما لأعماله واستمراره"، على حد وصف الصحيفة والمحكمة. وتابعت الصحيفة، "ويكون بذلك قد ارتكب الجناية المؤثمة بالمادتين 180 فقرة 2 و182 من قانون العقوبات الاتحادي وتعديلاته".
وإزاء الفروق الواضحة في طريقة تغطية قضية المتهم الخليجي والمتهمين الإماراتيين وحجم المساحة لعرض كل قضية، وغياب أقوال محامي المتهمين الإماراتيين وغياب أقوال المتهمين و"بشارة" المستشار الهاجري، يسأل ناشطون: أليس هذا أحد مظاهر التمييز و التفرقة المُجّرمة بالدستور وقانون مكافحة الكراهية والتمييز؟