في الوقت الذي أعلنت في دولة الإمارات رسميا وبتوجيهات من رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد عن إطلاق حملة "عونك يا يمن" الإغاثية والتي تنفذها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي كان الفريق ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة دبي يغرد محرضا على العاصمة صنعاء وسكانها، ومعلنا "اعترافه" بتقسيم اليمن في مخالفة واضحة وصريحة لنهج الشيخ زايد الوحدوية التي جسد بدايتها في إقامة دولة الإمارات عام 1971 ضمن جهود أوسع لتوحيد البيت الخليجي فالعربي. فما الذي تحتاجه اليوم اليمن، حملة "عونك يا يمن" أم حملة "وحدتك يا يمن"؟ وكيف تسمح الدولة لموظف لديها أن يسئ لشعب شقيق ويتدخل في شؤون دولة أخرى بأمر له حساسية بالغة ومن أعمال ما فوق السيادة أيضا؟
حملة "عونك يا يمن"
لا ينكر ما تقوم به دولة الإمارات من جهود إغاثية وسياسية وعسكرية في اليمن عامة وعدن خاصة أحد، خاصة أن 8 من أبنائنا قدموا أرواحهم من أجل الأشقاء في اليمن والحفاظ على وحدتهم ودولتهم.
وإضافة إلى أن الدولة هي أكبر مانح لليمن عام 2015 وفق إحصاءات وتأكيدات الأمم المتحدة، سوف تطلق هيئة الهلال الأحمر اليوم حملة كبرى لدعم الأوضاع الإنسانية في اليمن ومساعدة نحو 10 ملايين شخص تأثرت أوضاعهم نتيجة الأزمة الأخيرة، وذلك تحت شعار «عونك يا يمن»، وتستمر لمدة شهر لحشد الدعم لمصلحة برامج ومشاريع الهيئة الموجهة للمتأثرين من الأحداث في اليمن وتخفيف معاناتهم.
يأتي ذلك بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، لتخفيف المعاناة على الساحة اليمنية ومساندة الأشقاء اليمنيين على تجاوز ظروفهم الراهنة من خلال توفير احتياجاتهم ومتطلباتهم الأساسية، وتؤكد حرص سموه على إظهار أكبر قدر من التضامن مع المتأثرين من الأحداث ولفت الانتباه لصعوبات الحياة التي يواجهونها والإسراع بإعادة أوضاعهم إلى ما كانت عليه قبل الأزمة.
الفريق خلفان.. انفصال عدن وعزل صنعاء
منذ نحو 3 أيام أطلق الفريق خلفان عدة تغريدات مناوئة وتحريضية على أهل صنعاء وصنعاء، بصورة لم تعهدها العلاقات العربية – العربية إذ أبرزت تدخلا واضحا في الشأن اليمني وفوق رغبة اليمنيين أنفسهم بما يقترب من "الوصاية" عليهم. يمنيون غاضبون ردوا بقسوة على تغريدات خلفان ضد صنعاء وأهلها الذين طالبهم بالرحيل عنها وأنها لا تستحق شيئا، ولا تحمل أي قيمة لليمن.
وبعيدا عن السجال حول صنعاء والذي ترفعت وسائل إعلام كثيرة من تناقلها، فقد فاجأ الفريق خلفان الرأي العام اليمني والعربي تغريدة يعلن فيها "اعترافه الشعبي بدولة الجنوب العربي دولة مستقلة ذات سيادة". وهو موقف حتى ولو كان شعبيا ولو كتبه غير موظف حكومي فهو موقف مستهجن ويرفضه اليمنيون كونه يشكل تعديا على حقهم بتقرير مصيرهم بأنفسهم. وكثير من النشطاء العرب والخليجيين تمت محاكمتهم أو يخضعون للمحاكمة الآن لأن لهم رأي في موقف أو تصرف إماراتي اعتبره خلفان وغيره تدخلا في الشأن الإماراتي واعتداء على الدولة ورموزها، كما يخضع للمحاكمة في الكويت مبارك الدويلة، وفي مصر عصام العريان وفي الأردن يقضي نائب مراقب الإخوان حكما بالسجن عاما ونصف على تصريحات اعتبرتها الإمارات ضدها.
حذر مراقبون كثيرون من أن التدخل الإماراتي في اليمن في عاصفة الحزم مبرره، هو تشجيع الدولة لانفصال عدن عن الدولة الأم، وعزل العاصمة صنعاء، ويبدو أن هذه التحذيرات تتحقق بصورة وبأخرى.
ناشطون يمنيون يرفضون استبدال وصاية الحوثي بوصاية أي طرف آخر حتى ولو ساهم في طرد الحوثيين ودشن لهم تنمية واقتصادا زاهرا أو نظم الحملات الإغاثية لكل الشعب اليمني وليس لمليون في صنعاء أو عشرة ملايين في عموم اليمن.
مواقف وتغريدات الفريق خلفان تسيء إلى تضحيات الشهداء الإماراتيين في اليمن وتسيء إلى سمعة الدولة ومواقفها الرسمية والمعلنة والتي ترفض فرض أي رؤية أو مستقبل سياسي معين على اليمنيين حتى وإن كان لها توجهات أخرى يعبر عنها إعلام الإمارات الرسمي، إلا أن السياسة الرسمية لم تتغير وهي الحفاظ على وحدة اليمن.
الفريق خلفان برر في السابق دعوته لإعادة الدوحة لحكم أبوظبي بأنه كان يرد على حملة قطرية ضد الإمارات، ولكن في اليمن لا توجد حملة ضد الإمارات، وإنما ما يحدث هو تعبير اليمنيين بلا استثناء عن امتنانهم وتقديرهم للدور الإماراتي.
ناشطون إماراتيون يطالبون الدولة بتوضيح موقفها من تصريحات خلفان والتي تعتبر انقلابا واضحا على مرتكزات السياسة الخارجية الإماراتية وعلى فلسفة الشيخ زايد وسياسته نحو مزيد من أطر الوحدة لا الانفصال. ويطالبون بتوقفه عن التدخل في الشؤون العربية على هذا النحو "الفج" كما يصف مراقبون.