ازدواجية الإعلام الإماراتي الرسمي وتجاهل قضايا المواطنين الحقيقية
خاص
– الإمارات 71
تاريخ الخبر:
27-08-2015
يتعامل إعلامنا الإماراتي الرسمي مع الرأي العام المحلي والقضايا الوطنية على تعدد أنواعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية بعدد من الاستراتيجيات الإعلامية التي تعجز عن إخفاء تحيزه وجعله إعلاما يعبر عن الحكومة وأجهزة أمنية وليس معبرا عن إعلام دولة، عندما يكون الشعب الإماراتي أحد أهم المتغيرات والمؤثرات في العملية الإعلامية سواء بالتعبير عنه أو باستهدافه برسائل إعلامية محددة.
علاقة الإعلام بالشعب الإماراتي ذات تاريخ طويل من الاستهداف والسلوك والتشريع. فحق الحرية والتعبير ليس متاحا للشعب الإماراتي رغم النص الدستوري القاطع بذلك. وحرية التعبير لا تقتصر على التلقي فقط وإنما على حق استخدام الإعلام في التعبير عن رأيه ومواقفه. ومع ذلك، فإن هناك حجب ومنع ظهور إعلامي لكثير من المفكرين والمثقفين والإعلاميين الإماراتيين في وسائل إعلامنا أسوة بغيرهم ممن يظهرون على شاشات وصفحات هذا الإعلام وأثيره.
الإعلام الرسمي الإماراتي ينقل وجهة نظر شخصيات محددة سواء من خلال نشر مقالات لهم، أو بإجراء مقابلات معهم أو نشر أنشطتهم. تجد مقالات لخلف الحبتور وسالم حميد ومنصور النقيدان مثلا، ولكنك لا تجد مقالات لناصر بن غيث أو يوسف خليفة أو جمال خاشقجي مثلا. مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتجية يفرد له الإعلام المحلي مساحات واسعة في حين أخبار مراكز بحوث إماراتية أخرى محجوبة تماما. شخصيات إماراتية وخليجية وعربية متخصصة بالتسويق لمواقف الدولة في الصحف المحلية من أعضاء المجلس الوطني وسياسيين عربا ومسؤولين خليجيين كلهم يقولون يرددون موقفا واحدا، دون أن ينشر الإعلام الرسمي موقفا متمايزا واحدا عنهم.
قنواتنا الرسمية المحلية تستضيف الدكتور علي راشد النعيمي مثلا ليعبر عن رأيه، ولكنها تمنع استضافة البروفسور يوسف خليفة اليوسف، مع أن الرجلين إماراتيين ويشملهم النص الدستوري في إقرار حقهم بالتعبير، ومع ذلك فهناك تمييز واضح.
الإعلام الرسمي، ينقل صوت الإماراتيين وشكواهم في مسائل خدمية فقط، كما هو الحال في تقرير مطول في صحيفة "الإمارات اليوم" بتاريخ (27|8) حول ظاهرة عدم التزام الشاحنات في أبوظبي بالمسار الأيمن. وقبلها بأيام تقرير مطول في صحيفة "الاتحاد" حول تعثر مشروع توزيع الزي المدرسي. ولكن لا أحد في هذا الإعلام يتحدث عن آلام قطاع واسع من الشعب الإماراتي وشكواه من تعرض أبنائهم إلى محاكمات سياسية وقضاء سنوات طويلة من عمرهم خلف القضبان وتعرضهم للتعذيب وصنوف أخرى من سوء المعاملة والتمييز.
الإعلام المحلي يتابع مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة "تويتر" بصورة حثيثة وينقل أخبار "ترند" التغريدات حول الشأن الإماراتي، فينقل أن "هاشتاقا" معينا حقق رقما قياسيا، ولكنه يحجب أي "هاشتاق" عندما يتعلق الأمر باختطاف الشقيقات الثلاث في فبراير الماضي، أو اعتقال ناصر بن غيث مثلا.
الإعلام الإماراتي ومسؤولون ينقلون ما تتعرض له الدولة من انتقادات دولية أو إقليمية حقوقية أو إعلامية، ليس للرد عليها أو توضيحها وإنما "للإهانة والسب والتشكيك". الإعلام الإماراتي يتطرق إلى تقارير هيومن رايتس ووتش عن الدولة، ويتحدث عن مقال لعبد الله النفيسي عن موقف ما اتخذته الإمارات، أو ينقل الإعلان خبر اعتصام أمام إحدى سفارات الدولة في العالم، ولكن على قاعدة "التشهير والاتهام بالعمالة والتبعية والأخونة والإرهاب... وقائمة من الاتهامات أطول من قائمة الإرهاب التي أعلنتها الإمارات في نوفمبر الماضي.
الإعلام الإماراتي الذي تجاهل معاناة أبناء المواطنات وحرمهن من المساواة مع الرجل بمنح أبنائهن الجنسية الإماراتية لسنوات طويلة، فجأة هذا الإعلام يسلط الضوء على أبناء المواطنات ويظهر سرعة الاستجابة "لرغبتهم" عندما "طالبوا ومن أول مرة" منحهم فرصة الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية، في الوقت الذي لم تتوقف فيه مواطنات تناشد من بيده إطلاق سراح أبنائهم الإمارتيين– أبا وأما- من السجون والمعتقلات فلا مجيب لهم، ولا ناقل إعلاميا لمطالبهم.
يركز الإعلام الرسمي على حقوق المرأة الإماراتية ويظهر أن تحولت إلى "رقم" للتباهي أمام المجتمع الدولي في حضورها في الحكومة أو المجلس الوطني، ولكن حقوقها لا تزال منتقصة، والصورة المنقولة عنها لا تزال مجتزأة، حتى في أوساط من يتغنى الإعلام بمنحهن حقوقهن. هناك مئات النسوة الإماراتيات هن أم وأخت وزوجة وابنة لعشرات المعتقلين السياسيين لا يعانين فقط من غياب أعزائهن، وإنما يشركهن جهاز الأمن بالعقوبات الجماعية، فيمنعهن من الوظائف والتعليم والسفر للعلاج، ولا يتحدث الإعلام عن حالة واحدة منهن مع سبق وإصرار على الحجب ومواصلة السياسة الإعلامية الأحادية التي يدفع ثمنها الإماراتيون بانتهاك حقوقهم الدستورية والوطنية والتمييز في المعاملة وانعدام المساواة رغم دخول قانون مكافحة الكراهية والتمييز حيز التنفيذ اليوم.