"لا أستطيع النوم، وثمة محتاج من أبناء الوطن ينتظر مني أن أساعده"، بتلك الكلمات خاطب الشيخ زايد المواطنين، فكيف لو علم الوالد المؤسس أن ثلاث من بناته معتقلات في سجون الدولة، وأنهن دخلن شهرهن الثاني في المعتقل.
تمضي الأيام ثقيلة لتدخل شهرها الثاني على اعتقال جهاز أمن الدولة للشقيقات الثلاث (أسماء، مريم واليازية) خليفة السويدي، أخوات المعتقل الدكتور عيسى خليفة السويد.
ففي مثل هذا الوقت من الشهر الماضي (15 فبراير 2015)، تم استدعاء الشقيقات الثلاث لقسم الشرطة في أبوظبي، ليتم اعتقالهن بعد ذلك دون أن تُعرف القضية أو التهمة الموجه لهن، ولم يعدن إلى المنزل ولم تسمع أسرتهن منذ ذلك الحين خبرا عنهن، ليصبح مصيرهن في عداد المجهول.
قصة الشقيقات الثلاث
لم يكن للشقيقات الثلاث أي ظهور اعلامي، لكن كن ناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي كونهن من عائلة ذات باع في العمل الاجتماعي والتعليمي، فوالدتهن هي السيدة شمسة المهيري الرائدة في المجال الاجتماعي، أما شقيقهن فهو معتقل الرأي الدكتور عيسى خليفة السويدي مدير منطقة أبوظبي التعليمية سابقا، والمعتقل منذ 18 يوليو 2012.
فـ "أسماء" كانت تعمل في إدارة الشبكات الاجتماعية للشيخة فاطمة بن مبارك والدة ولي عهد أبوظبي، أما "مريم" حاصلة على شهادة الماجستير في علم النفس، و"اليازيه" دكتورة في الاتصال الثقافي، كما أنها باحثة وكاتبة.
ورغم ضغوط جهاز أمن الدولة على العائلة، إلا أن الأخوات الثلاث لم يعدمن الوسيلة لإبراز معاناة أخيهم المعتقل في سجون جهاز أمن، كما أظهرن معاناة أسر المعتقلين المحرومين من زيارة ذويهم، والمضايقات التي تتلقاها تلك العائلات من قبل جهاز أمن الدولة ومخبريه.
ورغم قرب والدهن السيدة شمسة المهيري، من الشيخة فاطمة حرم الشيخ زايد بن سلطان مؤسس الدولة ووالدة ولي العهد، كما أن "أسماء" أيضا تعمل لديها، إلا أن ذلك لم يشفع لهن لمنع اعتقالهن أو حتى الافراج عنهن بعد ذلك.
منظمات حقوقية .. حكومية
ورغم ارتفاع الصرخات وتنديد المنظمات وتوسع القضية شعبيا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن ذلك لم يوقظ المنظمات الحقوقية في الدولة أو حتى الخليجية من سباتها.
فجمعية الإمارات لحقوق الإنسان، والتي تبرعت حكومة دبي لها مؤخرا بمبناها الجديد، لم تبد أي ردة فعل، وتعمدت تجاهل الموقف، بل نُقل عن أحد المسؤولين في الجمعية قوله أنه "لم يكن هنالك داع لاعتقالات الشقيقات الثلاث، كونه يثير منظمات حقوق الإنسان المدافعة عن المرأة"، مؤكدا أن ذلك "يحرجنا أمام نظراؤنا في المنظمات الدولية ويفقدنا مصداقيتنا داخليا".
أما "المنظمة الدولية الخليجية" ومقرها جنيف، التي يرى مراقبون أنها ليس لها من اسمها نصيب، فقد أدانت الانتهاكات في بلدان العالم، وتركت دول الخليج وعلى رأسها دولة الإمارات، دون محاسبة أو تعقيب على قراراتها، في تساوق وُصف بالمتطابق مع مواقف الحكومات الخليجية.
الحملات التضامنية
ورغم تلك الاخفاقات من المنظمات الحقوقية المحلية، إلا أن اللافت كان تصاعد الحملات والتفاعل المتزايد على مواقع التواصل الاجتماعي من المواطنين، الذين رأوا أن تجرأ جهاز أمن الدولة على النساء، هي نقطة تحول مفصلية في الحياة الحقوقية في المجتمع الإماراتي.
بالإضافة الى المنظمات الحقوقية الدولية وناشطون من عواصم مختلفة من العالم، ساهم في الضغط على نواب أوروبيين لطرح القضية في برلمانات دولهم. مما استدعى الدولة للقيام بحملات اعلامية واسعة، سعيا منها لمواجهة سيل التقارير الحقوقية الناقدة للمستوى الذي وصلت إليه الدولة في المجال الحقوقي، ولتبييض صفحتها أمام دول العالم.
ورغم دفعها لمبالغ باهظة للصحفيين ومنظمات حقوقية مأجورة، إلا أن ذلك لم يخفف من حدة الهجوم عليها، وزادت الوقفات أمام سفارات الدولة في العالم، مما أسهم في فتح ملفات الدولة والحديث عن دورها في الثورات العربية المضادة.. فهل ستصمد الدولة أمام هذا الضغط وتفرج عن الأخوات الثلاث، أم ستتمسك بقرارها غير عابئة بتهاوي صورتها أمام دول العالم ؟.