للأسبوع الثاني على التوالي يستمر الاختفاء القسري المُحرم والمُجّرم إنسانيا وحقوقيا ووطنيا على مستوى الشعب الإماراتي على الأقل، إلى جانب ملايين الخليجيين والعرب وأحرار العالم الذين راعهم "التجرؤ" على قدسية الأعراض وقيمة الشرف العظمى لدى الإنسان، وخاصة الإماراتي والخليجي. فمن يتحمل مسؤولية اعتقال هؤلاء الفتيات، ومن يتحمل عدم إطلاق سراحهن حتى الآن، واستمرار "الاستعراض لأجهزة الأمن" في حجزهن، في تحد سافر للدستور الإماراتي والقوانين الإماراتية التي تنظم طرق التقاضي والمحاكمات؟
التعسف في الاعتقال
انتفضت المنظمات الحقوقية الخليجية والعربية والدولية منددة في هذا الاعتقال الذي اعتبرته منظمة العفو الدولية "اختفاء قسريا" لا بد من وضع حد له، كون الشقيقات في عداد المختطفات حيث لا يعلم أحد من ذويهن أو المتعاطفين معهن أي شيء عنهن، وعن أماكن احتجازهن وتهمهن. و بينت هذه الجمعيات الحقوقية إضافة إلى المستشارين الحقوقيين داخل الإمارات وخارجها بطلان هذا التوقيف والاعتقال.
وإزاء ثبوت هذا البطلان، فضلا عن بطلانه وطنيا وإنسانيا فقد انتفضت قطاعات واسعة من الشعب الإماراتي وشعوب الخليج والشعوب العربية ضد هذا التعسف، مستنكرين ومنددين به، ومطالبين السلطات الأمنية الإماراتية بوضع حد لهذا التعدي على المرأة الإماراتية.
انتفاضة حقوقية
في الساعات الأولى من الإعلان عن اعتقال الشقيقات الثلاث، ترجم الإماراتيون والأحرار رفضهم
بنحو مليون وخمسمائة ألف متابع من جمهور تويتر، تركزوا في الإمارات ودول الخليج. فيما تجاوز عدد تغريدات التضامن معهن نصف مليون تغريدة على وسم " #جريمة اعتقال ثلاث إماراتيات".
وأصدرت منظمة العفو الدولية و المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان، وشارك مثقفون وأكاديميون إماراتيين وخليجيين وعربا في حملة التضامن واسعة النطاق ضد هذا الانتهاك الحقوقي. وأصدرت فعاليات إماراتية تمثل قطاعات طلابية وشريحة مجتمعية عريضة بيانات الاستنكار والإدانة، وتضمنت سخطا عارما على هذا الاعتقال، من جانب طلبة العلم في الإمارات، ودعوة الإصلاح الإماراتية، إلى جانب عشرات المواقع الإماراتية والخليجية والعربية التي تتابع دقيقة بدقيقة مجريات هذا الاختطاف.
من يتحمل المسؤولية
السلطات الأمنية الإماراتية تضرب بعرض الحائط بمشاعر الملايين ومطالبهم في إطلاق سراح الشقيقات الثلاث، ولا تكترث لأحد، بل تسارع في نفي التقارير الحقوقية الدولية عندما تسلط الضوء على الانتقاصات الحقوقية في الدولة، واتهامها بالافتراء و "معاداة النجاح". إن نفي هذه السلطات الأمنية في المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإماراتيين كنفي إخوة يوسف "بقميص دم كاذب"، ودولة الإمارات تنفي مسؤوليتها عن اعتقال الشقيقات الثلاث وغيرها من التجاوزات الحقوقية بالتشدق باحترام حقوق المرأة، والمشاركة في التحالف الدولي لمكافحة التطرف الذي تزعم أنها تكافحه.
إذا كان أي مسؤول أو أي أحد من شيوخ الإمارات غير مسؤول عن هذا الاعتقال، فلا يكن مسؤولا عن استمراره. إذا كان أي مسؤول ليس مسؤولا عن إصدار أوامر الاختطاف فلا يكن مسؤولا عن عدم إصدار أمر الإفراج عن الشقيقات. إذا لم يكن لأي مسؤول يد في اعتقال الشقيقات، فلماذا يكف يده عن إطلاق سراحهن. إذا كان الكل بريء أو يتبرأ من الاعتقال، فهو متورط ومدان باستمرار هذا الاعتقال.
إن يد ولي عهد أبوظبي التي عالجت الفتاة الباكستانية ملالة يوسف، واستقبلتها في أبوظبي ليست قاصرة أو عاجزة عن إطلاق سراح (اليازية ومريم وأسماء السويدي). إن الإعلام الإماراتي ومسؤوليه ومؤتمراته التي تستقبل بحفاوة (المواطنة المصرية صاحبة شت يور ماوس أوباما)، من المعيب وطنيا أن يلتزم الصمت إزاء هذه المحنة، التي تشكل محنة شعب نكب في حقوقه وحرياته، وابتلي في اعتقال بناته، كما يدور في خلد الإماراتيين عندما يجدون أنه "لا كرامة لنبي في قومه"!