أحدث الأخبار
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:52 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد

الشعب العربي في مواجهة صمت القبور

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 21-12-2019

إنه صمت أخفتُ من صمت القبور، فيوميا تتحدث وسائل الإعلام الصهيونية عن اتصالات بين هذا المسؤول الصهيوني وتلك الجهة الرسمية العربية، ويوميا تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بصور الزائرين الرسميين وغير الرسميين من الشخصيات الصهيونية، لهذا البلد العربي أو ذاك، حيث يزورون المواقع السياحية، ويجوبون الشوارع، ويدخلون دور العبادة، ويجلسون في مقدمة المؤتمرات، ويؤكدون استقبالهم والترحيب بهم من قبل هذا المسؤول العربي أو ذاك النجم الشعبي العربي، ويوميا تتحدث الدوائر الأمريكية الرسمية أو وسائل إعلامها عن قبول بعض القادة العرب حضور اجتماع مشترك مع بعض القادة الصهاينة في واشنطن، من أجل ترتيب هذا الحلف العسكري، أو تلك الاتفاقيات الاقتصادية، أو ذلك التنسيق الأمني الاستخباراتي، مع المؤسسات الصهيونية.
يحدث كل ذلك أمام شعوب عربية تتساءل، باستغراب وغضب وحسرة، مدى صدقية الأخبار التي تسمعها، والصور التي تراها، وتنتظر أن تسمع أو تقرأ تعليقا رسميا عربيا واحدا ينفي، أو يؤكد، أو يستهجن، لكن تلك التساؤلات لا تقابل إلا بصمت القبور وظلامها الداكن.
في الواقع، ليس ذلك بمستغرب.. ليس بمستغرب، بل ومنتظر، من قوى وشخصيات تفشل إبان حملها للمسؤولية فشلا ذريعا، في بناء تنمية إنسانية شاملة، لكن إعلامها لا يتعب عن الحديث عن الإنجازات المتوهمة، وتفرّط في استقلالها الوطني والقومي، لكن إعلامها لا يخجل من اعتبار ذلك واقعية في عالم عولمي، لا مكان فيه لكلمات من مثل الحرية أو الاستقلال، أو حماية الاقتصاد الوطني. وبالطبع فإن وسائل الإعلام الرسمية تلك تغمض أعينها عن رؤية ما تفعله دولة مثل أمريكا، عرابة العولمة وقائدتها، من حماية لاقتصادها ودفاع عن استقلاليتها في اتخاذ القرارات الكبرى، عندما تتعارض مصالحها الوطنية مع متطلبات العولمة التي أسستها ورعتها. إنه الكبرياء الوطني والقومي الأمريكي الذي لا تعيه ولا تشعر به تلك الجهات الإعلامية، التي لا تعرف إلا مدح الدافعين وذم المخالفين، حتى لو كانوا من أشد المحبين لأوطانها وشعوبهم، ومن القابضين على الجمر بصبر وتحمل، حتى تفهم اليأس والشعور بالمذلة والغضب الصامت عند الشعوب، ما عادت تمارسه عقول وقلوب القائمين على ذلك الإعلام. من هنا ترديد الناس في مجالسهم الخاصة والعامة، بأن السكوت هذا، والصمت المريب ذاك، هما علامة الرضى والمباركة، والتمني التي تقبع وراء الأقنعة السياسية التي تتميز بها مجتمعات بلاد العرب.

هل يستغرب، إذن، المسؤولون العرب عندما يصل شباب وشابات بلدانهم إلى أقصى حالات التطرف في شعاراتهم وتحركاتهم الصاخبة المليئة بألف مأساة ومأساة؟ فهولاء لا يرون برلمانات تناقش بحرية وصدق، أو تعترض بموقف رجولي غير انتهازي، وهم لا يستطيعون أن يكونوا صادقين مع النفس عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة لهم، إلا ومصيرهم السجن والنفي والتهميش، وفقدان الوظائف ورؤية دموع أهاليهم ومحبيهم، وهم لا يجدون، إلا في ما ندر، إعلاماُ مستقلا نزيها يعبر عن آلامهم وأحلامهم وتطلعات مستقبلهم، وهم لا يسمعون من المسؤولين إلا غمغمات التطمين والوعود المؤقته المسكنة المخدرة.
عند ذاك، وكما الحال مع المريض النفسي المتوجع اليائس، يفضلون الموت على يد المليشيات والأمن المجنون والمندسين، على العيش في حالات اليأس والقنوط، وقلة الحيلة والتسكع في الشوارع، والخجل من أهليهم وأصدقائهم ومجتمعاتهم. لا يستطيع الإنسان أن يفهم غياب الوعي الإنساني المتعاطف المتفهم، عند الكثير من المسؤولين والأنظمة. نقول غياب الوعي، تجنبا للاتهام أو الشتم، أو قراءة النيات. والصمت الذي تمارسه بعض الشخصيات وبعض قوى الحكم هو أقصى غياب لذلك الوعي.
فالتاريخ مليء بأنواع كثيرة من أنظمة حكم، حتى لو لم تستند إلى شرعية تعاقدية ديمقراطية واضحة مقبولة، لكنها تميزت بعقل واعٍ متوازن، وبحد أدني من وخز ضمير إنساني مستيقظ. نحن لا نطلب الكثير عندما نطالب بأن تحترم الشعوب، وعلى الأخص شبابها وشاباتها، على الأقل من خلال الإجابة على تساؤلاتها، والصدق معها، وتجنب الغمغمة البليدة عند التخاطب معها. فالشعوب أذكى كثيرا مما تتصورون.