قالت باربارا ليف، سفيرة واشنطن السابقة في الإمارات (2014-2018)، إنّه على الساحة الإماراتية المحلية، اتخذ ولي العهد الشيخ محمد بن زايد سلسلة من الخطوات في العقد الماضي لتعزيز الشعور المتميز بالقومية الإماراتية، وخاصةً في أوساط الشباب، مُضيفةً أنّ هذه المبادرات عكست مخاوف من أنّ أساليب الحياة الحديثة بدأت تؤثر على المجتمع، وأنّ الدولة تفقد ثقافتها، وأنّ الجيل الأصغر سنًا يفتقد إلى الشعور بالمسؤولية تجاه الدولة.
وتابعت ليف في ندوةٍ نظمّها (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، أنّه فضلاً عن ذلك، كانت قيادة الإمارات تختبر حالة التطبيع – سواء بين شعبها أو في المنطقة، كما أن التغطية الإعلامية الإماراتية لإسرائيل لم تكن انفعالية، وفي حين انتهجت القيادة مقاربة حذرة إزاء الظهور العلنيّ للوفد الإسرائيليّ حين بدأت أبوظبي تستضيف اجتماعات “الوكالة الدولية للطاقة المتجددة” التابعة للأمم المتحدة في 2015، تمّ إيلاء أهمية متزايدة ومقصودة للاتصالات على مستوى الأفراد، وكان الهدف من هذه الخطوات جعل موقف الإمارات متفردًا في المنطقة في نظر الولايات المتحدة ونظر شعبها على حدٍّ سواء، كما قالت.
وشدّدّت السفيرة الأمريكيّة السابقة بالإمارات على أنّه بعد عام 2011، استمرت الاضطرابات بلا هوادة، حيث تشكّلت شبه كتلتين في المنطقة: السعودية والإمارات ومصر من جهة، وقطر وإيران وتركيا وقوى التغيير في المنطقة مثل الإخوان المسلمين.
وأضافت أنّه في حين استند التطبيع إلى عوامل أمنية وطنية بالنسبة للإمارات، فقد اعتبر الإماراتيون أيضًا الخطوة أساسية من أجل تعزيز الروابط مع الولايات المتحدة، والحفاظ على دعم الحزبين الديمقراطيّ والجمهوريّ في واشنطن، والارتقاء بالعلاقة إلى “النادي” الخّاص للشركاء الاستراتيجيين مثل إسرائيل، بالإضافةً إلى الوصول إلى بعض أنظمة الدفاع المتقدمة التي لطالما سعوا إلى امتلاكها، طبقًا لأقوالها في الندوة المُفترضة، التي شارك فيها أيضًا مدير الخارجيّة الإسرائيليّة سابِقًا، دوري غولد، المقرّب من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
وتابعت ليف “هناك أيضًا نوع من التفكير في أوساط قيادة الإمارات مفاده بأنّ المنطقة تسير نحو حقبة ما بعد أمريكا، وفي هذا الصدد، يمكن اعتبار الاتفاق بمثابة تحوّط ضد هذا الاحتمال، حيث تسعى الإمارات إلى علاقةٍ دفاعية/أمنية مع القوة العظمى في المنطقة، أيْ إسرائيل”.
وغالبًا، أوضحت السفيرة السابقة، ما تتصف السياسة الخارجية الإماراتية بأنها تميل إلى المخاطرة، وكانت الخطوة الإستراتيجيّة باتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل بمثابة مخاطرة مدروسة بشكل دقيق، وسرّعت اتجاهًا كان جليًا بالأساس، وفي الموازاة، كانت واشنطن تواجه صعوبات منذ بعض الوقت حول كيفية التعامل مع سياسة خارجية إماراتية أكثر جرأةً، ومن المرجح أنْ تلعب الإدارة الأمريكية الرئاسية الديمقراطية دورًا أكثر أهمية.
يُذكر، أضافت ليف، أنّ الإمارات جرّبت تدخلاتٍ أكثر حزمًا في اليمن وليبيا، ففي اليمن، أصبحت التكاليف باهظة للغاية مما دفع بولي العهد إلى اتخاذ القرار الصعب بالانسحاب على الرغم ممّا سيترتب على العلاقة الإماراتية-السعودية من ثمن، ومن جهتها، تمثل ليبيا مثالاً على مد الإمارات أياديها بعيدًا، الأمر الذي سيؤثر على الأرجح في قرار الكونغرس بشأن بيع طائرات مقاتلة من نوع “أف-35” وغيرها من الأنظمة المتقدمة إلى أبوظبي، بحسب أقوالها.
يقول محللون، مهما كانت الأسباب والدوافع فإنها لا تبرر بحال تورط أبوظبي في اتفاق العار مع إسرائيل، وكأن دولة الإمارات بدون التطبيع سوف تكون في مهب الريح، في حين أن ردود الفعل الإقليمية تظهر أن اتفاق التطبيع مع إسرائيل سوف يكون له كلفة أمنية واستراتيجية على دولة الإمارات قبل إسرائيل فضلا عن الرفض الشعبي واسع النطاق الذي يسود في أوساط الإماراتيين رغم أنهم ممنوعون من التعبير عنه خشية التعرض لانتقام جهاز الأمن، وفق ما يقوله ناشطون إماراتيون والرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع التي تم تأسيسها بعد أيام قليلة فقط من إعلان ترامب في 13 أغسطس الماضي عن هذا الاتفاق المشؤوم.