نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعده مراسلاها لورا بيتل وديفيد شيبرد حول تركيا ولعبة القوة حول احتياطات الغاز في البحر المتوسط. وأشارا في البداية لرحلة استطلاعية من الجو قام بها مسؤول السياسات الخارجية جوزيف بوريل مع وزير الدفاع القبرصي لمعاينة عمليات التنقيب التي تقوم بها تركيا في منطقة منحت لشركتي توتال الفرنسية وإيني الإيطالية. وكانت رحلة بوريل نهاية يونيو بمثابة دعم لقبرص في خلافها مع تركيا التي ترى في نشاطات الشركات الفرنسية والإيطالية غير قانونية.
ووصفت الصحافة التركية المؤيدة للحكومة بأن رحلة بوريل “استفزاز قبيح”. وتقول الصحيفة إن أنقرة متهمة بالاستفزاز. ففي ظل رجب طيب أردوغان “تبنت تركيا سياسة حازمة ضد استبعادها من استغلال مصادر الغاز في البحر المتوسط والتي تزعم 8 دول أن لها حقا بها، وتتراوح من ليبيا ومصر إلى إسرائيل”. وبحسب نائب الرئيس أردوغان فؤاد أقطاي: “نمزق ونرمي خرائط شرق المتوسط التي تسجننا في البر”.
وأرسلت أنقرة البحرية التركية لملاحقة شركات النفط الدولية التي تحاول التنقيب بشرق المتوسط بل وأرسلت شركاتها للحفر فيه. وما بدأ كنزاع بين تركيا وقبرص بات نزاعا يغذي اللعبة الإقليمية التي جرت إليها دول بعيدة في الخليج وأثار عدم ارتياح في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وكانت آخر نقطة ساخنة هي ليبيا التي وسعت فيها تركيا هذا العام من وجودها العسكري ووقعت اتفاقية مع حكومة الوفاق الوطني تسمح لها بالتنقيب عن الغاز في مياهها الإقليمية.
وتقول الصحيفة إن تدخل تركيا المفتوح في النزاع الليبي وضعها في مواجهة مباشرة مع مصر والإمارات وروسيا التي تدعم الجنرال المتمرد خليفة حفتر. وتقول دوروثي شميد الخبيرة في تركيا بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية بباريس: “تحولت إلى موضوع إستراتيجي”.
وتقول إن أنقرة ينظر إليها في أوروبا “كلاعب عدواني يخوض حربا في عدد من مناطق المنطقة وتتصرف بطريقة عدوانية ضد أوروبا”. وكان قرار إرسال السفن التركية للتنقيب متناسقا مع سياسة تركيا الحازمة. ويقول أوزليم كيغوسوز، الأستاذ بالعلاقات الدولية بجامعة أنقرة، إن أردوغان وعددا من المقربين إليه يعتقدون أنهم يقومون بإعادة أهمية تركيا في عيون العالم.
وبدأ قلق تركيا بالنمو بداية القرن الحالي عندما تم اكتشاف الغاز في المنطقة. وفي ديسمبر 2011 أعلنت الشركة الأمريكية نوبل للطاقة عن “مصادر مهمة للغاز الطبيعي” وبعد 4 أعوام أعلنت شركة إيني الإيطالية عن حقل ظهر في المياه المصرية والذي يحتوي على 850 مليار مكعب من الغاز الطبيعي.
فمن جهة تركيا وقبرص الشمالية ومن جهة أخرى قبرص واليونان ومصر وإسرائيل والإمارات وفرنسا التي نشرت بارجة تشارلس ديغول في فبراير لدعم مجموعة توتال- إيني في وجه الضغط التركي.
وحذر دبلوماسيون غربيون من تصعيد جديد حالة قامت تركيا بالتنقيب قرب كريت بشكل سيجبر اليونان على الرد. وانضمت الإمارات في مايو إلى اليونان ومصر وفرنسا وقبرص حيث شجبت النشاطات التركية واعتبرتها غير قانونية. وردت تركيا باتهام الدولة هذه بتشكيل حلف الشيطان ضدها.