لم تعد هناك إمكانية لاستخدام حجة الشباب أو قلة الخبرة عند الحديث عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لقد مر الوقت، وما تراه هو ما تحصل عليه، سيستمر سوء الحكم، وتتواصل الأخطاء الفادحة والحروب الطائشة.
هذا الاستنتاج، الذي خرج به الكاتب ديفيد هيرست في مقال نشره موقع” ميدل إيست آي” يستند إلى إشارات وملاحظات ووقائع كثيرة، من بينها المكالمة الهاتفية العاصفة التي أجراها بن سلمان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشية اجتماع أوبك في الشهر الماضي، والتي انتهت بحرب أسعار مفجعة بين السعودية وروسيا.
هيرست: أخذ بن سلمان النصيحة قبل إجراء المكالمة من شخص جاهل ومتغطرس هو جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
ما هو الخطأ الذي ارتكبه قليل الخبرة بن سلمان في هذه المكالمة؟ يجيب هيرست أن أي شخص يعرف بوتين، يعلم جيداً، أنه يمكن المساومة مع هذا الرجل حتى لو كنت في جانب معارض في حرب إقليمية مثل سوريا أو ليبيا، حيث يمكن الحفاظ على علاقة عمل رغم الخلافات، مثل علاقة بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولكن بن سلمان اختار أسلوباً سيئاً للغاية حيث حاول “حشر” بوتين في الزاوية مع توجيه انذارات، وهذا بالطبع لا ينفع قطعياً مع بوتين، القادر على الرد بقوة لأنه ، في الواقع، في وضع أفضل من السعودية بسبب قدرة ميزان المدفوعات الروسي.
ولكي نكون أكثر انصافاً، يضيف الكاتب، أخذ بن سلمان النصيحة قبل إجراء المكالمة من شخص جاهل ومتغطرس هو جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهذا يفسر سبب ردة الفعل الأولى لترامب بالترحيب بانهيار النفط قبل أن ينتبه إلى أن انهيار سعر النفط يؤدي إلى انهيار صناعة النفط الأمريكية.
ومع سعر خام برنت أقل من 20 دولاراً، فإن بن سلمان على وشك معرفة ماذا يحدث عندما لا يحتاج العالم لنفطه، وهو احتمال أن تصبح السعودية دولة مديونة.
لم تكن مشكلة بن سلمان فقط في إنفاق الأموال، وإنما كانت،أيضاً، في وضع أمواله في استثمارات سيئة
ويوضح مقال “ميدل إيست آي” أن التراجع المالي للسعودية قد بدأ عندما تولى والده الملك سلمان الحكم في 23 يناير 2015، حيث انخفض إجمالي الاحتياطات الأجنبية بمقدار 233 مليار دولار في أربع سنوات، من 732 مليار إلى 499 مليار، كما انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي للمملكة من 25243 دولاراً إلى 23338 دولاراً في عام 2018.
وخلص الكاتب إلى أن السعودية قد تضطر للاقتراض بحلول عام 2022 بسبب فيروس كورونا وأزمة النفط إضافة إلى سلسلة من السياسات الفاشلة لولي العهد، مثل الحرب في اليمن ودعم الانقلاب في مصر والتدخل في الدول العربية ومشتريات الأسلحة الضخمة من أمريكا ومشاريع الغرور مثل بناء مدينة نيوم ناهيك عن اليخوت واللوحات والقصور.
وكان الاقتصاد السعودي يعاني بالفعل قبل انتشار فيروس كورونا بنسبة 0.3 في المئة ولكنه انخفض بنسبة 25 في المئة منذ عام 2017، وأضف إلى ذلك تكاليف الإغلاق ووقف العمرة والحج، والتي تجذب ما يصل إلى 10 مليون حاج في السنة و8 مليارات من الموارد.
ولم تكن مشكلة بن سلمان فقط في إنفاق الأموال، وإنما كانت في وضع أمواله في المكان الخطأ، ومن بين المؤشرات على استثماراته السيئة هو انخفاض القيمة النسبية لصناديق الثروة السيادية، والتي أصبحت الآن خلف صناديق الاستثمار السيادية في معظم دول الخليج العربي.
وأفاد صندوق النقد الدولي أن خطط زيادة صندوق الاستثمار السعودية قبل فيروس كورونا إلى تريليون دولار لن تكون كافية لتوليد الدخل اللازم في عالم ما بعد النفط.