أثارت التسريبات والتصريحات التي صدرت عن أربعة مسؤولين أمريكيين حول وقوف دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر خلف الغارات الجوية التي استهدفت مواقع عسكرية في مدينة طرابلس الليبية مؤخرًا، نيران الإعلام الغرب في الحديث عن الدور الإماراتي تحديدا فيما يجري بطرابلس الغرب.
ففي أقل من اثني عشر ساعة؛ ضجت وسائل الإعلام الغربية والعربية على حد سواء، من صحف مرموقة ووكالات أنباء عالمية ومواقع إخبارية مهمة، بخبر "الغارات الإماراتية - المصرية" على ليبيا، ناشرة تفاصيل ومعلومات حول الغارات تارة، وناقلة للإدانات الدولية واسعة النطاق تارة أخرى، فيما اعتبرها البعض أنها أول حملة إعلامية ودبلوماسية كبيرة الحجم والتركيز والتأثير في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة.
فبعد أن كانت دولة الإمارات تحظى بسمعة دولية "بيضاء" في الإعلام الغربي كواحة للتنمية الناجحة والأمن الفردي والجماعي وبيئة آمنة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا للاستثمار، بعد جهود وعقود من العمل الدؤوب قدمها الشيخ زايد رحمه الله، تتعرض الدولة اليوم لنكسة في صورتها الذهنية وسمعتها في أرجاء دول العالم، بعد أن تضررت سمعتها خلال السنوات القليلة السابقة لدى المواطن العربي لأسباب يتعلق بعضها بموقفها من الثورات العربية.
ولكن نقطة التحول الخطيرة تتمثل في إدانة دول عربية دولة الإمارات وسلوكها العسكري في دولة عربية، بعد ما حدث من هجوم طائرات إماراتية ساندت طرفا ليبيا ضد طرف ليبي آخر، في تحول آخر للدور الإماراتي الذي كان دائما دورا يدعو للحوار والتقريب وحل المشكلات بالتفاوض والقيام بدور الوساطات التي تفكك أكثر المشكلات تعقيدا، بعد أن أصبح اليوم الدور الإماراتي دورا قد يوصف "بالتخريبي" وفق مفهوم جميع بيانات الإدانة التي صدرت.
فعندما يقول بيان وقعته واشنطن ولندن وباريس وبرلين وروما، إن "التدخلات الخارجية تغذي الانقسامات" في ليبيا، فهذا بيان غير مسبوق، وبدون لغة الدبلوماسية فهو يعني أن البيان يريد وصف التدخل بالتخريب.
اثنا عشر ساعة كانت كفيلة بتسليط الضوء إعلاميا على الأقل حتى الآن على الهجوم الإماراتي على دولة شقيقة، وفتح "باب جهنم إعلامي" نحوها بصورة ستترك آثارها على سمعة الدولة التي بنتها عبر عشرات السنوات وعشرات مليارات الدولارات من المساعدات الإنسانية في مختلف أرجاء العالم، لتبدد هذه المكتسبات بعدة طلعات جوية في المعركة الخطأ والميدان الخطأ، كما يراها مراقبون للشأن الإماراتي.
أحدث حلقات "التدخل الإماراتي في دولة شقيقة"، بعد حديث عشرات وسائل الإعلام الغربية، ما أوردته "بي بي سي" من تصريحات صحفية لمسؤول أمريكي أكد أن "واشنطن "تفاجأت" من الهجوم الإماراتي والمصري على طرابلس وقصف مقاتلين إسلاميين".
ولا تزال تواصل وسائل الإعلام الغربية نقل هذه الأنباء، مثل التلغراف البريطانية، ووكالة الأنباء الفرنسية، وروسيا اليوم، ووكالة رويترز، والجزيرة الإنجليزية.
كل هذه الضجة الإعلامية تحدث في العالم وتسيء لدولة الإمارات، ولا يزال الموقف الرسمي كما هو مجرد نفي بتغريدة، يرى البعض أنه ليس لها مكان في الموازين الدبلوماسية ولا في الواقع القائم.