يعتبر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ومقره إمارة أبوظبي ذراعا بحثيا ومركزا لصناعة السياسات وتحليلها وتقديم التوصيات لصناع القرار في الإمارة على الأقل، كون رئيسه هو ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.
ويقوم المركز طوال سنوات عمله ببلورة الكثير من المواقف الرسمية للحكومة الإماراتية حول مختلف القضايا المحلية والعربية والدولية. فماذا قال المركز حول العدوان الإسرائيلي على غزة، وكيف كانت مقارباته للمعركة؟
افتتاحية "شديد اللهجة".. ولكن
استهل المركز الإعراب عن موقفه من العدوان بافتتاحية 12 يوليو الماضي (بعد 6 أيام من بدء العدوان) بانتقاد وإدانة شديدة اللهجة للعدوان، مطالبا بحماية دولية للشعب الفلسطيني، وهذا المطالبة كانت عنوان الافتتاحية الأولى حول تطورات المعركة. فقد قالت الافتتاحية:" مرة أخرى، وفي تصعيد غير إنساني، لا تزال القوات الإسرائيلية تشنّ عدوانها الوحشي ضد السكان المدنيين العزل في قطاع غزة المحاصر، من دون رادع ولا حسيب، أو وازع من ضمير، في ظل سياسة إسرائيلية اعتادت العدوان".
ولكن الافتتاحية تابعت بجملة جاء فيها "إسرائيل:" متنكرة للتعهّدات والمواثيق الدولية التي تقضي بتوخي الحذر من إيقاع أضرار بالمدنيين عند شنّ العمليات العسكرية". وهذا الموقف يوحي وكأن الإدانة فقط لسقوط المدنيين وليس لمبدأ العدوان ذاته، وهو ما يسيء لفهم الموقف الإماراتي ويضعف الإدانة على الأقل، بحسب ما يراه مراقبون.
ونوهت الافتتاحية إلى موقف الإمارات بقولها: "دولة الإمارات تجدد رفضها الكامل لأعمال العنف كافة التي تؤدي إلى إزهاق أرواح المدنيين".
ويؤخذ على هذا الموقف هو اعتبار المقاومة "عنفا" ترفضه الإمارات كما ترفض "عنف" إسرائيل، في حين أن القوانين الدولية تسمح بمقاومة الاحتلال.
وحذرت الافتتاحية من أن عدم تحرك المجتمع الدولي "يشجع إسرائيل على المضي قدماً في اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني الأعزل، خاصة في ظل مؤشرات إلى أن هذا العدوان سيستمر أياماً وسيتحول إلى عملية برية".
"موقف إماراتي ثابت" اتجاه فلسطين
هذا ما أكدته الافتتاحية الثانية، بتاريخ 22 يوليو بعد التدليل على هذا الموقف بالمساعدات الإنسانية التي قدمتها الإمارات للشعب الفلسطيني طوال تاريخ العلاقة الإماراتية الفلسطينية. تقول الافتتاحية:" إذا كان البعد العربي من الأبعاد الأساسية في سياسة الإمارات الخارجية، فإن القضية الفلسطينية تقع في جوهر هذا البعد، وهذا ما تؤكده مواقفها منذ نشأتها عام 1971".
وحددت الافتتاحية سقف هذا الموقف بالإشارة إلى: "إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإلى احترام إسرائيل التزاماتها المقررة وفق القانون الدولي وعملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية".
إعادة تأكيد الموقف الإماراتي
وفي السابع من أغسطس، (بعد شهر كامل من العدوان) نشر المركز افتتاحية ثالثة حول تطورات العدوان، أعادت التأكيد على المساندة الإنسانية والسياسية لغزة في سياق زيارة ولي عهد أبوظبي للسعودية واجتماعه بالعاهل السعودي، والذي تناولا فيه الأوضاع في غزة. وذكّرت الافتتاحية بحجم المساعدات الإماراتية المتواصلة لغزة، ولإدانة العدوان، وقالت:" شاركت (الإمارات) بفاعلية في مختلف التحركات التي تستهدف التوصل إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، والبحث عن سبل لحقن دماء الأبرياء"، وتابعت: وهذا ما أكدته زيارتا الشيخ محمد بن زايد، إلى السعودية و البحرين".
وبذلك، قاربَ المركز الموقف من العدوان على غزة بموقف إنساني بدرجة أساسية، ثم بموقف دبلوماسي بسقف الأمم المتحدة التي فشلت بحماية المدنيين الفلسطينيين وتنفيذ قراراتها الصادرة منذ نحو أربعين عاما بشأن الانسحاب الإسرائيلي من الضفة وغزة والقدس. إلى جانب رفض أعمال المقاومة المشروعة كونها "أعمال عنف".