قال محللون وخبراء اقتصاد إن العمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون الخليجي تواجه "صعوبات متزايدة"، في ظل ما تواجهه تلك البلدان من تحديات اقتصادية منذ تراجع أسعار النفط قبل ثلاثة أعوام.
وتحتضن دول الخليج الستة، أعداداً كبيرة من العمالة الوافدة، لا سيما القادمة من القارة الآسيوية، إذ يعيش 17 مليون أجنبي ويرتفع العدد إلى 23 مليوناً أو أكثر بعد إضافة عائلاتهم، أي قرابة نصف سكان الخليج وعددهم 48.8 مليوناً، بحسب أرقام رسمية.
ولخص الخبراء، تلك الصعوبات، التي تسببت في عودة آلاف الوافدين، وخصوصاً من السعودية، إلى إقرار رسوم حكومية جديدة وتقنين أوضاع العمالة إلى جانب رفع الدعم عن الوقود، وفرض ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية إلى جانب نفقات المعيشة المرتفعة في ظل ركود الأجور.
وتسارعت وتيرة عودة آلاف المقيمين من السودان والأردن واليمن - على سبيل المثال - من السعودية، مع بدء فرض الرياض لسلسلة من الضرائب والرسوم إضافة إلى قرب انتهاء المهلة الممنوحة للمخالفين لتصحيح أوضاعهم في سجلات الإقامة.
ورسمياً، أعلنت السعودية عن البدء بتطبيق فرض رسوم على العمالة الأجنبية، ومرافقيها اعتبارا من يوليو الجاري، بواقع 100 ريال سعودي عن كل مرافق.
ويرتفع الرسم الشهري عن كل مرافق، إلى 200 ريال العام المقبل، و300 ريال في العام اللاحق له، و400 ريال بحلول 2020.
وتتصدر دول الخليج العالم، من حيث نسبة وجود العمالة الأجنبية على أرضها.
وبحسب إحصاءات البنوك الدولي، فإن العمالة الأجنبية في قطر إلى إجمالي السكان (الأكبر في العالم) تقدر بنحو 91 بالمائة، تلتها الإمارات بنسبة 89 بالمائة، والكويت 72.1 بالمائة، والبحرين 54 بالمائة.
أسباب رئيسية
وأرجع فخري الفقي، المستشار السابق في صندوق النقد الدولي، الأسباب الرئيسة لعودة العمالة من دول الخليج، إلى فرض رسوم على الوافدين وتقنين أوضاعهم، ورفع الدعم عن الوقود وفرض سلسلة من الضرائب أبرزها ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية.
وقال الفقي الذي يعمل أستاذاً للاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الصراعات الدائرة في المنطقة العربية كبدت موازنات الدول الخليجية مبالغ طائلة، وساهم في تفاقم عجز الموازنة ما دفعها لإقرار برامج إصلاح اقتصادي لتعزيز الإيرادات والنمو غير النفطي.
وتابع فخري الفقي: "اقتصادات هذه الدول ما تزال محملة بأعباء كبيرة، ونعتقد أن إقرار نظم ضريبية ورفع أسعار المحروقات، هي أبرز الحلول التي وضعها صندوق النقد الدولي لخفض آثر تلك الأعباء".
وأضاف الفقي، أن تباطؤ معدلات النمو سيدفع لمزيد من الإجراءات، لافتا إلى أن البرامج تتضمن عملية إحلال للعمالة الأجنبية بآخري محلية للسيطرة على ارتفاع معدلات التضخم".
وذكر المستشار السابق في صندوق النقد الدولي، أن العمالة الوافدة سواء من مصر أو الأردن أو السودان واليمن، ستكون مخيرة بين الواقع المعيشي الصعب في بلادهم وبين ارتفاع رسوم الإقامة.
انعكاس مباشر
وقال جمال عجيز، الخبير الاقتصادي (مصري مقيم في الإمارات)، إن الصعوبات المتزايدة التي تواجه العمالة الأجنبية في الخليج، جاءت كانعكاس مباشر للتحديات التي تواجه بلدان تلك المنطقة، التي ما تزال تعاني من تداعيات تراجع عائدات النفط.
وتعاني أسواق النفط الخام منذ ثلاث سنوات حول العالم، من تخمة المعروض ومحدودية الطلب ما أدي إلى هبوط حاد في الأسعار، نزولاً من 120 دولاراً للبرميل منتصف 2014 إلى حدود 51 دولاراً في الوقت الحالي.
وتوقع عجيز خفض تلك الرسوم مع تحسن أداء الموازنات الخليجية مع عودة أسعار النفط للصعود، وهدوء الصراعات الإقليمية.
أ