وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رسالة السبت (15|10) لشعب دولة الإمارات بمناسبة مرور 10 أعوام على توليه رئاسة الحكومة، حملت عنوان "عشرية الإنجاز.. وخمسية التحدي". فماذا أبدى إماراتيون على الرسالة من إشادات وأمنيات أو استدراكات على الرسالة؟
فرق تنفيذية للأجندة الوطنية
أحسن نائب رئيس الدولة في عرضه لأبرز الإنجازات التي حققتها الدولة والشعب الإماراتي وحكومته خلال العشر سنوات الماضية على مختلف الصعد، إذ أكدت المعطيات الدقيقة والرسمية عن نمو الناتج المحلي، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، وتوسع السوق الاستثماري في الدولة، وسط بيئة إقليمية وعالمية دائمة الاشتعال ومتداخلة التأثيرات والتعقيدات، ولولا سياسة الحكومة الدقيقة في تلك الظروف الدقيقة، لما تحقق الكثير من الإنجازات التي عددها حاكم دبي في رسالته التاريخية للشعب الإماراتي.
وعن هذه الظروف، قال خالد الكمدة مدير عام هيئة تنمية المجتمع بدبي: إن السنوات العشر الماضية التي مرت على دولة الإمارات، في عهد حكومة محمد بن راشد من أصعب السنوات التي مرت فيها المنطقة، حيث عانت انهياراً للاقتصاد العالمي، و«الربيع العربي»، والتدخل الإيراني في دول الخليج، وحرب اليمن، وسوريا، لافتاً إلى أن كل هذه الأزمات لم تشكل عقبة أمام عجلة اقتصاد الإمارات"، على حد قوله.
ولعل إعلانه عن ترؤس الفريق التنفيذي للأجندة الوطنية، المكون من 550 شخصية محلية لمتابعة 38% مما لا يزال ينتظر التنفيذ من رؤية الدولة لعام 2021، هو أحد أبرز المفاصل العملية في رسالته التي تلقاها الإماراتيون وشعوب كثيرة من دول العالم باهتمام وترحيب، وفق ما تظهر ردود الفعل التواصلة على الرسالة.
جهود ودور محمد بن راشد
في الواقع، لا يمكن البدء بتوثيق دور رئيس مجلس الوزراء وجهوده في العشر سنوات الأخيرة وهي التي شهدت ترؤسه حكومة دولة الإمارات، وإنما يمكن العودة إلى تاريخ ممتد وطويل من الخبرة الإدارية والاقتصادية المستقبلية والاستشرافية عز نظيرها في المنطقة برمتها، جاء بعضها في كتاب "رؤيتي" و "ومضات من فكر"، إلى جانب القيام بعشرات المبادرات الإنسانية والإغاثية والإنمائية في معظم دول العالم. أما محليا، فقد امتدت جهود نائب رئيس الدولة من إدارة حكومة دبي المحلية لإدارة حكومة دولة الإمارات الاتحادية، وهو ما سمح بإسقاط تجربته التنموية ونظرته الاقتصادية على كثير من المشروعات في الدولة.
وقد علق مسؤولون ومواطنون ومقيمون على رسالة محمد بن راشد، ومن بينهم، إبراهيم بن كرم المدير التنفيذي في مجموعة بريد الإمارات، الذي قال في حديث مع صحيفة "الاتحاد": الإمارات قطعت شوطاً كبيراً، وحققت خطوات نوعية في المجالات الاقتصادية والتعليمية والصحية والبيئية وغيرها، بالتوازي مع توفير الحياة الكريمة للمواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة، كذلك تمكين المؤسسات الحكومية والخاصة من إسعادهم عبر تقديم خدمات متميزة وعالية الجودة تلبي متطلباتهم وتفوق توقعاتهم، مما ساهم في تصدر الإمارات دول العالم في كثير من المؤشرات العالمية في التقدم الاقتصادي وغيره».
إنجازات إضافية لحكومة محمد بن راشد
ومع تفهم العديد من الملاحظات والاستدراكات التي يمكن توثيقها أيضا على أداء الحكومة، إلا أن مراقبين يشيرون أن الشيخ محمد بن راشد قدم ما لا يمكن أن يقدمه غيره في ظل الظروف المحلية الضاغطة أو التهديدات الخارجية.
ويذهب آخرون إلى القول، لقد كانت حكومة محمد بن راشد، كابحاً سياسياً ووطنياً لعدد من الإجراءات والقرارات التي اتخذتها جهات وشخصيات أمنية وتنفيذية في الدولة دون المرور عبر الحكومة الاتحادية بوصفها القناة التنفيذية الشرعية لما يقومون به؛ وكادت هذه الإجراءات أن تدخل الدولة في "مزالق وأنفاق مظلمة" على حد تعبيرهم. ولعل خير مثال على ذلك هو استدراك محمد بن راشد على ما أعلنه جهاز أمن الدولة من "قائمة الإرهاب" الذي ادعى أن مجلس الوزراء أقرها، إذ سارع محمد بن راشد للتخفيف من آثار القائمة المذكورة، إلى جانب إعادة تشكيله مؤخرا "اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب" والتي كسر فيها احتكار أبوظبي بوجود ممثل عن الجهاز من جهاز الأمن في دبي.
وكذلك، كان لمحمد بن راشد ولا يزال موقفا موازيا لأبوظبي في السياسة الخارجية، ظهر ذلك في مواقف عديدة، منها: موقفه المعارض لترشح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي للرئاسة في مصر، وقد ثبت صحة نظرته إذ تشهد القاهرة انهيارات أمنية واقتصادية بلا توقف. وفي أزمة السفراء مع قطر، تبادل الرسائل مع أمير قطر الشيخ تميم، وحضر عرسا قطريا في دبي، وهي مؤشرات كانت بمثابة إعلان "تمايز" حكومة دولة الإمارات مع بعض الجهات والشخصيات التي تسعى لأخذ الدولة والحكومة لاتجاهات أخرى.
المجاملة ليست من الوطنية
"المجاملة على حساب الوطن ليست من الوطنية"، هكذا قال حاكم دبي في رسالته، وهي ليست المرة الأولى التي يقول فيها هذه المعاني وبمفردات جزيلة وعميقة من حين لآخر.
فإضافة إلى التقدير الكامل لجهود الشيخ محمد بن راشد وإنجازاته في مختلف المجالات، فإن هناك عددا من المجالات والميادين التي لا تزال تنتظر أن تمتد إليها يد رئيس مجلس الوزراء تطويرا وتحديثا أو حفاظا أو إنقاذا.
لا يعرف الإماراتيون إن كان مستشارو الشيخ يقومون بالإبلاغ عن سيل الانتقادات الدولية الحقوقية من جانب منظمات غير حكومية وغير ربحية، ومن جانب الأمم المتحدة نفسها، ومن جهة مجلس حقوق الإنسان أو وزارة الخارجية الأمريكية أو مجلس العموم البريطاني أو البرلمان الأوروبي، وغيرها من الهيئات التي لا يتصور اتفاقها "كيديا" على دولة الإمارات.
فهذه الجهات المتنوعة، توثق انخفاض سقوف الحريات في الدولة بصورة جعلت من الإمارات في المرتبة 119 عالميا في حرية الصحافة، رغم ما اتخذه محمد بن راشد من قرارات مهمة مؤخرا، مثل قرار منع حبس الصحفيين على ذمة قضايا النشر. كما تراجع ترتيب دولة الإمارات في مؤشر التنمية البشرية للمرتبة 42، وعلى مؤشر الرخاء والرفاه للمرتبة 30 بعد أن كانت في المرتبة 23، وتراجعها على مؤشر السلام والأمان، وغيرها من المؤشرات الحقوقية الأخرى والحريات التي تتناولها تقارير حقوقية دولية معتبرة تتحدث عن 200 بلاغ تعذيب، وعن استمرار اعتقال نشطاء "توتير" أو استمرار اعتقال من وصفتهم منظمة العفو الدولية بأنهم "ناشطون سلميون استخدموا حقهم في التعبير عن الرأي" وهي تتحدث عن موقعي عريضة الثالث من مارس 2011 والتي انطلقت أيضا من مبدأ "المجاملة على حساب الوطن ليست من الوطنية".
ويرى إماراتيون، أن مجال التعليم لا يزال يعاني من ضعف المخصصات في الميزانية، فضلا عن استمرار أزمات التعليم والقرارات الارتجالية لوزارة التربية، رغم أن حاكم دبي نزع مبرر الإخفافات المستمر في أداء الوزير منذ فبراير الماضي بتعيينه 3 وزراء لحقيبة التعليم. وفي مجال الصحة، فمؤخرا رفعت وزارة الصحة أسعار 10 آلاف خدمة صحية وعلاجية، مع استمرار تعليق مشروعات صحية في الدولة نتيجة ضعف المخصصات أيضا. كما يعاني ميدان التعليم والصحة من عوامل طرد نجم عنها استقالات جماعية بين المعلمين والأطباء الإماراتيين نتيجة سياسات الموارد البشرية في الوزارتين المذكورتين.
سنوات التحدي.. أبناء الإمارات معك
بقي 5 سنوات، سماها نائب رئيس الدولة سنوات التحدي كون لا يزال 38% من الأجندة الوطنية قيد التنفيذ في مجالات مختلفة. قطاعات من الإماراتيين، أكدوا أنهم يقفون على يمين حكومة الشيخ محمد بن راشد و لا يسعهم إلا أن يكونوا جزء من نجاحات هذه الحكومة وإنجازاتها وليسوا فقط مستهدفين بإنجازاتها، مشددين على دعمهم ومساندتهم لأي جهود تسهم في تحسين الظروف المحلية كافة، وحتى مساعدة الحكومة على التقليل من الآثار الجانبية لسلوكيات بعض الأجهزة والشخصيات على مستوى السياسة الخارجية.
واعتبرت قطاعات شعبية، أن دعم حكومة دولة الإمارات الاتحادية في مواجهة العراقيل التي تفرضها مؤسسات موازية هو أحد التحديات الواجب التصدي لها والتغلب عليها، إلى جانب أن يقلل التنوع الاقتصادي للدولة الآثار الخطيرة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على الإماراتيين جراء إخفاق مسؤولين في الحكومة من فهم توجيهات رئيس الحكومة، الذين ظلوا يبررون أي رفع في الأسعار أو تراجع في الخدمات بانخفاض أسعار النفط، في حين أن نائب رئيس الدولة نفسه ينفي أي علاقة بين الأمرين.