المتابع للتطورات وتضارب الأنباء في أعقاب تفجير الطائرة الروسية في سيناء، بما فيه تعدد روايات "داعش" الذي تبنى إسقاط الطائرة بصاروخ ثم تراجع عن الكشف عن طريقة إسقاطها، تعيش أجهزة المخابرات في العالم "قصة فشل ذريع" والوصف للإعلام العبري، بعد تناقض هذه الأجهزة فيما بينها. فكيف خلف تفجير الطائرة كل هذه الفوضى الاستخبارية، وما هو دور مركز "صواب" بأبوظبي في هذا الفشل الاستخباري؟
تسويق محاربة الإرهاب
تكتل العالم منذ نحو عام ونصف في إطار ما سمي التحالف الدولي للحرب على الإرهاب لمحاربة "داعش" في سوريا والعراق، ويضم التحالف نحو 60 دولة غالبيتها عربية وإسلامية. ورغم القصف المكثف لهذا التحالف، لداعش ودخول روسيا على مزاعم مكافحة الإرهاب، إلا أن "داعش" تحديدا لا يزال بعيدا عن "الهزيمة" وفق تقديرات المخابرات الأمريكية نفسها وتشكيكات مسؤولين خليجيين ومن بينهم إماراتيون مثل ضاحي خلفان شككوا بجدية واشنطن في محاربة الإرهاب.
تفجير الطائرة الروسية.. محطة فارقة
شكل تفجير داعش الطائرة الروسية في أجواء سيناء محطة فارقة في "الحرب على الإرهاب". فهذا الإرهاب الذي تحاربه كل الدنيا يتوسع ويتمدد بالفعل، هذا الإرهاب يتغول وغير قابل للهزيمة، وفق ما يستنكره محللون، اعتبروا أن هناك دول تستفيد من استمرار الإرهاب.
ولكن أهم ما بعد تفجير الطائرة هي الفوضى المخابراتية في العالم والتي كشفت أن أجهزة المخابرات وأجهزة الأمن فشلت في منع تفجير الطائرة كما فشلت في "الانتصار" على الإرهاب حتى الآن.
الإعلام العبري يقرأ الفوضى الاستخبارية
تقول صحيفة هارتس العبرية اليسارية، كل الأطراف الدولية متمسكة برواياتها، وبغض النظر أن داعش فجر الطائرة أم لا، إلا أن الحادث لا يدل على فشل أمني فقط، بل على فشل استخباراتي، وليس لمصر فقط.
ووصف المحلل السياسي والعسكري لصحيفة "هآرتس" العبرية، تسبي بارئيل، إن الحادث كشف عن فشل استخباراتي عالمي ذريع. فمسؤولو الاستخبارات في كل دول العالم يتابعون دون توقف جميع اتصالات تنظيم "الدولة"، وتعترض رسائله الإلكترونية وتفك شيفرات رسائله، ويحللون ملفات الاستخبارات البشرية، وعليه؛ إذا لم يعط التنظيم إنذاراً مسبقاً أو تجاهلت الاستخبارات هذا الإنذار، فهذا يعني أن شيئاً ما في المنظومة الاستخباراتية تشوّش بشكل كبير.
ويتابع، أن الصراعات والتنافس بين أجهزة الاستخبارات المختلفة ليست جديدة، وقد تسببوا في السابق بعدد من السقطات التراجيدية؛ والأسوأ من ذلك، أن زرع قنبلة في طائرة يحتاج من التنظيم المنفذ جمع معلومات استخباراتية على مدار فترة طويلة، بما في ذلك لائحة مواعيد الرحلات، ووقت صعود وهبوط الطائرات، ومعرفة خريطة المسارات الجوية، وتجنيد عناصر من داخل المطار أو شركة الطيران الروسية إلى جانب امتلاك قدرات تكنولوجية عالية من أجل زرع القنبلة دون الكشف عنها.
الفشل مصريا
وزير خارجية مصر سامح شكري أدلى بتصريحات قبل ظهر اليوم السبت(7|11) حول الجهد الاستخباري المصري في التعامل مع الحادث، وبعد كشف المخابرات الدولية لبعض حقائق الحادث، ألقى فيه بمسؤولية فشل المخابرات المصرية على المخابرات الدولية، قائلا،" إن أجهزة المخابرات العالمية لم تتعاون مع مصر بما فيه الكفاية"، وذلك بعد عدم قدرة القاهرة التغطية على فشلها الأمني والاستخباري في هذه الحادثة، والتي يسعى العالم كله لتدفيع السياحة المصرية والاقتصاد المصري ثمن هذا الفشل، وحتى بعيدا عن تحميل نظام السيسي مسؤولية هذا الفشل كون أجهزة مخابراته وأمنه متفرغة لمطاردة الناشطين السلميين.
الفشل إماراتيا
كانت الدولة أكثر دول العالم تحمسا للحرب على الإرهاب خالطة بين منظمات العنف وبين التيارات السياسية المدنية ولا سيما الإسلام الوسطي، لأن سبب فزاعة "الحرب على الإرهاب" هو التيارات السياسية السلمية وليس داعش، وفق ما كشفته صحيفة الغارديان الجمعة(6|11) من أن أولويات أبوظبي في مكافحة الإرهاب كانت تركز على الإخوان، في حين كانت بريطانيا تركز على داعش وغيرها.
ومن بين الجهود "الجبارة" في المجال الأمني والاستخباري التي بذلتها أبوظبي هو إطلاق مركز "صواب" لمكافحة داعش إلكترونيا، وتدقيق دعايته ورسائله المشفرة وكشفها والرد عليها، والتعامل معها أمنيا وتوعية بصورة وقائية.
ولكن الجانب المهم أيضا، هو أن جهاز أمن الدولة يحاكم عددا من المتهمين بالانضمام لداعش وغيرها ما يؤكد قيام الجهاز بدور استخباري وأمني متقدم في محاربة التنظيم ومع ذلك لم يستطع التنبؤ أيضا بمخططات داعش ليس في حادث تفجير الطائرة وإنما لم يستطع الكشف عن تفكير التنظيم ومخططاته الذي يبدو أنه سيعتمد أساليب جديدة فيها وفق ما أكدت صحيفة هارتس.
وإزاء تتبع مركز صواب لدعاية داعش وإعلامها ووسائلها أيضا، يتساءل ناشطون، لماذا لم يظهر دور للمركز في الكشف المبكر والوقائي عن كارثة إسقاط الطائرة؟ ويؤكد ناشطون أن الفشل الاستخباري الدولي عام وشامل ولا يمكن أن يستثني أي دولة تعتمد الحلول الأمنية والعسكرية بما فيها الإمارات.