يبدو أن المفارقة صادمة، فبالرغم من أن زمن الحديث عن تمكين المرأة ولى، كما يورد الإعلام الرسمي في الدولة، إلا أنه كما أنهن أصبحن في المقدمة لبعض المهام الصعبة، هناك في مؤخرة هذا التطور، بل إنهن في السجون.
سارة الأميري والطيارة مريم المنصوري، الأولى أوكل لها قيادة الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، في حين الثانية كانت من بيان أول المشاركين في غارات قوات التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة"، والذي تعد الإمارات جزءاً منه.
في المقابل، وكما أن هناك نساء إماراتيات في الفضاء، هناك أخريات في السجون، فالشقيقات الثلاث (أسماء ومريم واليازيه السويدي) شقيقات معتقل الرأي الإماراتي الدكتور عيسى السويدي يقبعن في أحد سجون الدولة منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر، دون تهمة محددة، غير أنهن كن يعبرن عن رأيهن بشأن شقيقهن المعتقل في سجون الدولة أيضاً.
ما يلفت الأنظار إلى أن هناك أمر مشترك بين من هن في الفضاء والأخريات اللاتي في السجون، فالتي ستقود الفريق العلمي صاحبة عقل وفكر ورأي، وهي صفات الشقيقات الثلاث واللاتي هن أيضاً من أصحاب الدراسات العلمية العليا، لكنهن اعتقلت لاستخدامهن عقلهن ورأيهن في الدفاع عن شقيقهن المعتقل كذلك بسبب آرائه الإصلاحية.
الأميري، قائدة الفريق العلمي لمشروع اكتشاف المريخ، قالت في كلمة لها "إن المرأة الاماراتية ممكنة، ونحن وصلنا إلى مرحلة ما بعد التمكين، لتكون عنصرًا فعالًا في المجتمع، ولا تفرقة لدينا بين رجل وامرأة"، حديث يراه مواطنون بأنه جميل، إلا أن ما يعكر صفوه هو أن يتم معاملة الرجل والمرأة في الإمارات حتى فيما يتعلق بالاعتقال السياسي، خصوصاً أن عادات المجتمع تنظر لاعتقال الفتيات على أنه انتهاك خطير لكرامة المواطن، فما بالكم أن يكن نساء.
جدير بالذكر هنا أن جهاز أمن الدولة في إمارة أبوظبي كان قد استدعى شقيقات الدكتور عيسى السويدي الثلاث للتحقيق معهن منذ 15 فبراير ا لماضي، ولم يطلق الجهاز سراحهن، وقال ناشطون إن أجهزة الأمن الإماراتية اعتقلت ثلاث إماراتيات، وتحتجزهن قسريا في مكان مجهول.
ومنذ ذلك الحين تطالب المراكز الحقوقية حول العالم الإمارات بالإفراج عن الشقيقات الثلاث وعن معتقلي الرأي، فقد طالب المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان إلى التحرك العاجل من أجل إطلاق سراح الشقيقات الثلاث. كما أصدر مركز الإمارات للدراسات والإعلام بيانا أدان فيه اختطاف واختفاء الشقيقات الثلاث، واصفا الإجراء بأنه "استباحة للحرمات"، كما طالبت في الوقت ذاته المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا السلطات الإماراتية بالكف عن انتهاك حقوق المواطنين والمقيمين على خلفية سياسية، كما طالبت بوقف التضييق على أسر المعتقلين والإفراج الفوري عن النساء الثلاث المعتقلات، مشيرة أن اعتقالهن تم دون أساس من القانون.