دعا الرئيس أوباما بعد توقيع اتفاق الإطار بشأن الملف النووي الإيراني مع الغرب قادة دول الخليج لقمة في كامب ديفيد، وقد رحب القادة الخليجيون بهذه القمة، قبل ساعات من تصريحات "فارقة" لأوباما أوضح فيها ماذا سيقول لقادة دول الخليج. فماذا قال أوباما، وهل تصريحاته فاجأت القادة الخليجيين أو أحرجتهم؟ وهل يستجيب القادة الخليجيون لمطالبات أوباما ومقاربته للأوضاع السياسية والأمنية في الشرق الأوسط.
ماذا قال أوباما
أدلى أوباما بحديث لصحيفة "نيويورك تايمز" مع الصحافي المعروف توماس فريدمان حول الاتفاق النووي الإيراني، خاطب فيه إسرائيل مطمئنا ومعتبرا أن إخلال أمن إسرائيل يعتبر انتهاكا أخلاقيا بحق إدارته، في تأكيد على منع تعريض أمن إسرائيل للخطر نتيجة هذا الاتفاق.
توجه أوباما أيضا بحديث آخر "لحلفائه الخليجيين" بلغة ولهجة وصفتها صحيفة القدس العربي بافتتاحيتها (7|4) بأنها تصريحات انقلابية. الإعلام الإماراتي والخليجي عرض تصريحات أوباما بصورة متشظية ومجتزأة، حجب فيها "التصريحات الانقلابية" ونقل بعض الجمل الاعتراضية في حديث أوباما أبرزها "تعهده بالدفاع عن دول الخليج" وتساؤله حول عدم قيام العرب بالتصدي للانتهاكات الحقوقية الفظيعة في سوريا؟
التصريحات المحجوبة
الصحافة الإماراتية والخليجية حجبت أهم ما في تصريحات الرئيس الأمريكي وتوصياته، فقد أكد أوباما، أن الغضب الشعبي الذي يواجهه حلفاء واشنطن هو التهديد الحقيقي لهم وليس إيران. وقال أوباما لدى حلفائنا بعض التهديدات الداخلية:" السكان الذين يكونون في بعض الأحيان منعزلين، العاطلون عن العمل، وأيديولوجيا مدمرة ومهلكة، وفي بعض الحالات، مجرد الاعتقاد بأنه لا توجد مخارج سياسية مشروعة للمظالم".
وأضاف سنقول لحلفائنا: "كيف يمكننا أن نبني قدراتكم الدفاعية ضد التهديدات الخارجية" مستدركا وباستفاضة، "ولكن أيضا، كيف يمكننا أن نعزز الجسد السياسي في هذه البلدان، بحيث يشعر الشباب السّنة أن لديهم شيئا آخر سوى (داعش) للاختيار من بينه، هذا حوار صعب إجراؤه ولكن يجب علينا أن نجريه". وزاد أوباما، بأنه يأمل بإجراء حوار بين دول الخليج وإيران.
قراءة تصريحات أوباما
صحيفة القدس العربي، عنونت افتتاحيتها:" تصريحات انقلابية لأوباما بشأن دول الخليج"، اعتبرت فيه أن تصريحات أوباما غير مسبوقة وستزيد الهوة بينه وبين دول الخليج، لأنه سيربط الدعم الأمريكي للخليج بمدى الإصلاح الداخلي واحترام حقوق الإنسان. وأشارت "القدس العربي" إلى تحذير أوباما لأول مرة من غضب الشباب.
ولكن الصحيفة الصادرة في لندن، اعتبرت أن إثارة الإصلاح في الخليج الآن ليس مقصودا بذاته. بمعنى أن أوباما أراد رفع هذه المطالب وتحسين حقوق الإنسان وتوسيع المشاركة السياسية في وجه قادة الخليج كشرط لحماية أمن الخليج، ولأن أوباما يدرك أن قادة الخليج لن يستجيبوا لهذه المطالبات، فإن هذا يعفيه من الالتزام بأمن الخليج، وذلك وفق قراءة القدس العربي.
رد فعل إعلامي
كان أول رد فعل خليجي تم رصده هو عرض مجتزأ لتصريحات أوباما. ومع ذلك، فقد كتب الصحفي السعودي سلمان الدوسري مقالا في "الشرق الأوسط" (7|4) بعنوان "هل يفهم أوباما العرب السنة"؟!". وناقش الدوسري تصريحات أوباما واعتباره أن إيران ليست هي عدو الخليج والعرب وإنما الأوضاع الداخلية.
واستنكر الدوسري وصف أوباما للدول الخليجية بالدول السنية في حين لا يصف إيران بالشيعية. معتبرا أن أوباما يقلب مفاهيم الحرب والسلام، كما رفض الدوسري مقاربة أوباما بين خطر إيران (التهديد الخارجي) والسخط الشعبي نتيجة انعدام الإصلاح (التهديد الخارجي).
وفي انتظار مواقف رسمية خليجية أو إعلامية حول الاستجابة لتوصية أوباما من عدمها، فإن التساؤلات التي تملأ الشارع الخليجي الآن، هل تستجيب الحكومات الخليجية لمطالب الإصلاح المشروعة بغض النظر عن دعاوي أوباما أو غيره، أم سوف تظل تواجه الملف الأطماع الإيرانية كمهدد خارجي وفي نفس الوقت تتنكر للتهديدات الداخلية الإصلاح السياسي واستيعاب الشباب وتمكينهم؟ وهل ستفلح في مواجهة التهديدين، وهل يمكنها مواجه إيران بدون الاستجابة لمطالب الإصلاح المشروعة، وكل مطالبه مشروعة.