لم يعد خافيا بعد نشر صحيفة /هآرتس/ العبرية في الثاني من ديسمبر الجاري، تقرير حول وجود خط طيران سري بين مطار بن غوريون شرق "تل أبيب" مع إحدى الدول الخليجية، من كونها دولة الإمارات العربية المتحدة، بعدما سرد التقرير تفاصيل ما جرى على أرضها وكذلك الصور الذي أرفقها معها، ليبقى الباب مفتوحا بصورة ساذجة من برأيك تلك الدولة.
محدثا التقرير صدمة جديدة تلو الصدمات التي جاءت متباعدة في العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب، وليفتح التقرير باب التساؤلات حول حقيقة تلك العلاقة، وما إذا كانت تلك التقارير المسربة، تهيئة للمجتمع الإماراتي والعربي، أو أنه جس نبض لردود الفعل في الشارع الإماراتي لفتح صفحة علنية من العلاقات مع "اسرائيل".
الشيخ محمد بن زايد واسرائيل
وكانت بوادر تلك العلاقة بدأت بصورة فاضحة بعد كشف موقع "ويكيليكس" وثيقة مسربة، بأن وفوداً اسرائيلية وأمريكية يهودية تتدفق على دولة الامارات سراً.
وبحسب وثيقة أمريكية يعود تاريخها الى 24 كانون ثاني/ يناير 2007، فإن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قال لمساعد وزير الخارجية الأمريكية نيكولاس بيرنز بالحرف الواحد "إن الامارات لا تعتبر اسرائيل عدواً"، مضيفاً: "اليهود مرحب بهم في دولة الامارات".
وأضافت الوثيقة أن بيرنز ناقش في حينه محمد بن زايد حول زيارة قادة المنظمات الأمريكية اليهودية الكبرى، وقال بيرنز لمحمد بن زايد أنه التقاهم في اسرائيل وأبلغوه بأنهم مسرورون لأنهم سيزورون الامارات ويلتقون المسؤولين الحكوميين فيها.
شالوم وزيارته للإمارات
لتزيد بعدها الجرعة بصورة أكثر علانية مغطاة بهالة دولية، حيث زار وزير الطاقة الإسرائيلي سيلفان شالوم أبوظبي في أول زيارة رسمية من نوعها لمسؤول إسرائيلي إلى الإمارات العربية المتحدة منذ اغتيال ”الموساد” للقيادي في حركة حماس محمود المبحوح، بحسب ما أوردته القناة الإسرائيلية الرسمية الثانية.
في الوقت الذي استعرضت فيه نفس المصادر، تاريخ العلاقات الإماراتية الاسرائيلية، والزيارات التي يقوم بها مسؤولون إسرائيليون للإمارات، وشاركت عدة شخصيات إسرائيلية في مؤتمرات أقيمت في دبي.
كما أشارت المصادر الإسرائيلية إلى أن رئيس الاستخبارات الإسرائيلية زار أبو ظبي بعد يومين من عزل الرئيس محمد مرسي في مصر، بالرغم من أن رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان أمر النائب العام الإماراتي في مارس 2010 بإصدار قرار توقيف في حق رئيس الموساد، وكذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خلفية اتهامهما بالوقوف وراء اغتيال القيادي في حركة "حماس" محمود المبحوح، إلا أن الشرطة الدولية لم توقف رئيس الموساد لدى دخوله الإمارات".
ورغم أن موقع ”بي بي سي” الإخباري رجح بأن هذا التقارب راجع إلى شعور كل من الإمارات وإسرائيل بالتهديد الإيراني، خاصة بعد توقيع إيران على الاتفاق النووي مع الدول الست الكبرى، إلا أن المصالح الإماراتية والإسرائيلية أصبحت تتقاطع في أكثر من نقطة.
تركيا .. الخصم المشترك
وعلى سبيل المثال فإن كلا من أبو ظبي وتل أبيب في خصومة مع أنقرة، فالأولى وصلت أزمتها مع تركيا إلى حد تلويح أحد قيادات الجيش التركي بضرب أبو ظبي إن ثبت إضرارها بالاقتصاد التركي، بل وتم التهديد بنشر صور لأربعة ضباط إماراتيين في وضعيات مخلة بالشرف على صفحات الجرائد التركية، أما إسرائيل فهي لا تخفي عداءها لحكومة أردوغان رغم اعتذارها لأول مرة في تاريخها عن اعتدائها على "أسطول الحرية" وقتلها لتسعة أتراك، خاصة أن محكمة الجنايات التركية في إسطنبول لازالت تحقق وتستمع للشهود في قضية سفينة "مرمرة الزرقاء"، بعد رفض ضحايا الهجوم الإسرائيلي قبول الاعتذار ولا حتى التعويض.
تطبيع علني
أما آخر قصص التطبيع العلنية، تسربت خيوطها، قيام شركة طيران "إير برلين" الألمانية التي استحوذت عليها مؤخراً حكومة أبوظبي، وأصبحت طائراتها تضم شعار "طيران الاتحاد"، تشارك في حملة اسرائيلية تروج الى تهويد القدس المحتلة، فيما تأتي هذه الفضيحة بعد فترة وجيزة على الفضيحة التي كشفها نائب رئيس الحركة الاسلامية في فلسطين الشيخ كمال الخطيب والتي قال فيها أن منازل فلسطينية تم تهويدها في القدس بأموال جاءت من الامارات.
سفارة اسرائيلية في أبوظبي
ولا يستبعد المراقبون أن تقوم أبوظبي بالتطبيع رسميا مع الكيان العبري في ظل التقارب في المواقف، ويتجلى ذلك من خلال ما ذكرته صحيفة /هأرتس/ العبرية في شهر مايو الماضي، من أن تل أبيب "خصصت الأموال اللازمة لفتح ممثلية دبلوماسية لها في إحدى الدول الخليجية"، وتبدو أبو ظبي أقرب الدول الخليجية للتطبيع مع تل أبيب وفتح سفارة إسرائيلية هي الأولى في تاريخ العلاقات الخليجية-الإسرائيلية.