يبدو أن الأمور لا تسير وفق ما كان يأمله حكام الإمارات والسعودية بالنسبة لتغيير الأوضاع الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وربما يشهد العام المقبل تغيرا في سياسة الإنفاق الخارجي والداخلي خاصة مع انهيار أسعار البترول والدخول في حرب غير محددة المدة ولا التكلفة ضد ما يسمى الدولة الإسلامية المعرفة إعلاميا بـ (داعش).
ومؤخرًا قرر مجلس إدارة الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء الإماراتية فرض رسوم إضافية اعتبارا من أول يناير المقبل في أربع إمارات بمقدار خمسة فلوس على كل شريحة من شرائح استهلاك الكهرباء لفئات سكن المقيم والمنشآت التجارية والحكومية ورسم أربعة فلوس على القطاع الصناعي ما عدا سكن المواطن.
وفى الوقت الذي ترفع فيه الإمارات الدعم عن مواطنيها تخوض السلطات حروبا خارجية وتواصل دعمها السخي لمحاربة الديمقراطية في العالم العربي وإجهاض ثورات الربيع العربي ومحاربة المسلمين ودعم الصهاينة ضدهم وتشير بوادر أزمة اقتصادية تعاني منها الدولة جراء تلك الإجراءات الناجمة عن فوضوية العبث بخزينة الدولة العامة.
وتسيطر شركات تابعة لإمارة أبوظبي على تزويد معظم احتياجات الإمارات الشمالية من المياه والكهرباء وهو ما سيرفع التكلفة أيضاً على بقية الإمارات السبع.
وتسيطر شركة أبوظبي الوطنية للطاقة على نسبة 54% في ثمان محطات لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في الإمارات، فيما تتوزع الملكية المتبقية على هيئة مياه وكهرباء أبوظبي (6%) وشركتي "ماروبيني" و"جي دي إف سويس" (20% لكل منهما)، وتملك حكومة أبوظبي قرابة 76% من شركة أبوظبي للطاقة المسيطرة.
ويأتي هذا الرفع لأسعار الكهرباء في ظل تدارس حكومة دبي خفض الدعم عن المشتقات النفطية في الإمارة تتراوح ما بين عشرة إلى 20 في المئة عن المعدل الحالي البالغ 50 في المئة. ، والإمارات هي الأولى خليجياً وثالثة عربياً بعد سوريا وتونس في ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وكانت أبوظبي قد قررت عدم خفض المشتقات النفطية في 2012 بعد أن لاقت ارتفاعات أسعار 2010 سخط شعبياً كارتفاعات للمرة الثالثة على التوالي منذ 2001، ويبلغ سعر (اللتر البنزين) 1.83 درهم.
وتتدخل "أبو ظبي" في شؤون العديد من دول المنطقة في الإقليم وتتحمل تكاليف باهظة في محاربة الإسلاميين بدأً بمصر ثم تونس وليبيا، وليس أخيراً اليمن، وتحاول إدارة التوحش في محاربة "داعش" بتكاليف إضافية يتحمل أعباءها المواطنون والعاملون فيها.
فقد أعطت منح تنموية وودائع بنكية لمصر بقيمة 4.9 مليارات دولار لتنفيذ مشروعات، وذلك بعد قرض بملياري دولار قدمته الإمارات لمصر عقب الانقلاب على الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، إلى جانب ستة مليار دولار ودائع لدى البنك المركزي، ستتحمل ردها الحكومات المقبلة، إلى جانب مساعدات إماراتية أخرى تقدر بنحو 2.9 مليار دولار لإنشاء مشروعات تنموية و3 مليارات دولار ستدعم بها الإمارات مشروع المليون وحدة سكنية.
وفى ليبيا تدعم الإمارات انقلاباً عسكرياً في ليبيا عن طريق اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يقود حرباً شرسة على الثوار الليبيين الرافضين لعودة القذافي، وشاركت طائرات حربية إماراتية في قصف مطار طرابلس في أغسطس الماضي، فيما يؤكد ليبيون أن الإمارات تدفع نفقات الحرب والتدخل المصري في ليبيا إلى جانب حفتر وتقدر التكاليف بمليارات الدولارات تظل تفاصيلها غامضة.
وتشارك الإمارات إلى جانب قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب ضد الدولة الإسلامية المعروفة إعلاميا بـ"داعش" التي لم تحسب ميزانيتها التشغيلية بعد، ويقول الاقتصادي السوري سمير رمان: إن كلفة حرب داعش التي قدرها بـ 30 مليار دولار ستدفعها الإمارات إلى جانب السعودية والعراق مقسمة بينهما بالتساوي، ويؤكد ذلك تصريح لمصدر حكومي في المملكة الأردنية الهاشمية أن السعودية والإمارات تعهدتا بتسديد فاتورة المشاركة الأردنية في الحرب على "داعش"، وهو ما تمّ خلال اجتماع جدة، الذي عقد في 11 سبتمبر الماضي، وضمّ وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، إضافة إلى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر ولبنان والأردن والعراق