شهد اللقاء الذي جمع صاحب السمو، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان،  رئيس الدولة بنظيره التشادي، محمد إدريس ديبي إتنو، في أبوظبي يوم أمس الجمعة، اهتماماً إقليمياً ودولياً، خاصة في ظل التصعيد المستمر في الأزمة السودانية، وسط تساؤلات حول إمكانية أن يحمل هذا اللقاء دلالات جديدة حول تجاوز العلاقات الثنائية إلى محاولة لاحتواء تداعيات الأزمة في السودان، أم يعزز من حديث تقارير غربية وأممية، بشأن تعاون تشاد في تهريب السلاح الإماراتي لقوات الدعم السريع لتوسيع رقعة الصراع في هذا البلد.

وخلال اللقاء، الذي عقد في قصر الشاطئ بالعاصمة أبوظبي، أكد رئيس الدولة ونظيره التشادي الحرص على توسيع آفاق التعاون بين البلدين، بما يشمل الفرص المتاحة بمجالات بينها التجارة والطاقة والبنية التحتية.

وقالت وكالة أنباء الإمارات (وام)، إن الزعيمين أكدا خلال المباحثات "الحرص على توسيع آفاق التعاون بين الإمارات وتشاد، واستثمار الفرص المتاحة في هذا الشأن خاصة في مجالات التجارة والاقتصاد والاستثمار والطاقة والبنية التحتية وغيرها".

كما تبادلا "وجهات النظر حول التطورات في المنطقة، مؤكدين في هذا السياق أهمية العمل على تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، بما يعزز التنمية والازدهار لدول المنطقة وشعوبها".

وعبر حسابه بمنصة إكس، قال صاحب السمو رئيس الدولة إنه بحث مع ديبي "سبل تعزيز العلاقات الثنائية خاصة في المجال التنموي، والعمل المشترك من أجل توسيع آفاق التعاون واستثمار الفرص المتاحة بما يخدم التنمية المشتركة للبلدين ويعود بالخير والنماء على شعبيهما".

ما علاقة أبوظبي وتشاد في حرب السودان؟ 

‏خلال الآونة الأخيرة، تزايد الضغط الدولي على الإمارات بشأن مشاركتها في مؤتمر حاسم في لندن يهدف إلى وقف الحرب في السودان، وذلك بعد تسريب تقرير سري من الأمم المتحدة يثير تساؤلات جديدة حول دور أبوظبي في هذا الصراع المدمر، إذ تواجه اتهامات بتزويد الدعم السريع بالأسلحة سرًا عبر دولة تشاد المجاورة، وهي تهم تنفيها أبوظبي بشدة.

‏ وتحدثت صحيفة الغارديان البريطانية، مساء الإثنين الماضي، عن انتقادات حادة طالت مشاركة الإمارات في مؤتمر حيوي، استضافته العاصمة لندن الثلاثاء الماضي، يدعو إلى وقف الحرب في السودان، بسبب تقرير سري أخير للأمم المتحدة أثار تساؤلات متجددة بشأن دورها في الحرب.

التقرير الأممي الموسوم بـ”سري للغاية” كشف عن “رحلات متعددة” من الإمارات لطائرات شحن يُعتقد أنها تعمدت تجنب الرصد أثناء توجهها إلى قواعد في تشاد، حيث يتم رصد عمليات تهريب أسلحة عبر الحدود إلى السودان.

وجاء التقرير في 14 صفحة، ووضعته لجنة من خمسة خبراء أمميين، وجرى إرساله إلى لجنة العقوبات على السودان المكلفة من مجلس الأمن الدولي.

ووثق التقرير "نمطا ثابتا من رحلات شحن طائرات (إليوشن إيل-76 تي دي) تنطلق من الإمارات إلى تشاد، وحدد ثلاثة طرق برية على الأقل من المحتمل استخدامها لنقل الأسلحة إلى السودان المجاور.

ووجد أن "الرحلات التي تجريها طائرات الشحن من مطارات الإمارات إلى تشاد كانت منتظمة، لدرجة أنها أنشأت جسرا جويا إقليميا جديدا، مشيرا إلى أن الرحلات الجوية أظهرت خصائص غريبة، حيث اختفت الطائرات في كثير من الأحيان خلال أجزاء حاسمة من رحلتها، وهو النمط الذي قال الخبراء إنه يثير تساؤلات حول عمليات سرية محتملة.

كما حقق تقرير لجنة الخبراء في تهريب الأسلحة من السودان إلى دارفور انتهاكا لحظر السلاح المفروض، وحدد 24 رحلة طيران على الأقل لطائرات الشحن إليوشن إيل-76 تي دي حطت في مطار أمجراس بتشاد العام الماضي.

وتزامنت تلك الرحلات الجوية، بحسب التقرير، مع تصعيد حاد في العمليات القتالية في منطقة الفاشر، خصوصا زيادة في استخدام الطائرات المسيرة من قِبل قوات الدعم السريع لأغراض قتالية واستخباراتية.

ووجد التقرير رابطا بين بعض الرحلات الجوية التي حددها التقرير وشركات طيران كانت مرتبطة سابقا بـالخدمات اللوجستية العسكرية ونقل الأسلحة غير المشروع. وقال الخبراء إن اثنتين منها قد وُجهت إليهما اتهامات بانتهاك حظر الأسلحة.

كما حدد ما وُصف بـمغادرات منتظمة إلى تشاد من مطار في إمارة رأس الخيمة ومطار العين بأبوظبي، ووجد أن الرحلات اختفت بشكل متكرر من الرادارات خلال اللحظات الحاسمة.

ويأتي ذلك بعد نهاية أسبوع دامٍ شهد مقتل أكثر من 200 مدني على يد قوات الدعم السريع في هجمات ضد مجموعات عرقية نازحة، وفي محيط مدينة الفاشر، آخر مدينة كبرى لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني في إقليم دارفور.

‏وفي نوفمبر، رصد خبراء الأمم المتحدة 24 رحلة لطائرات إليوشن Il-76TD هبطت في مطار أمجرس في تشاد، بالتزامن مع تصعيد القتال في الفاشر، خاصة مع "تصاعد نشاط الطائرات المسيّرة من قبل قوات الدعم السريع لأغراض القتال والاستخبارات"، ما وصفه خبراء غربيون بأنه "مرحلة تكنولوجية جديدة" في الصراع.  

اقرأ أيضاً:

"نيويورك تايمز": أبوظبي تتستر بالعمل الإغاثي في السودان لتهريب الأسلحة والطائرات المسيرة

الكشف عن عشرات الرحلات من أبوظبي لنقل أسلحة لقوات "الدعم السريع" عبر تشاد

وكالة: الإمارات ممر رئيسي للذهب السوداني خلال فترة الحرب