أحدث الأخبار
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد

الحابل مع النابل

الكـاتب : علي الظفيري
تاريخ الخبر: 27-08-2014

في لحظة جنون، من لحظات جنونه الذي لم ينقطع إلا بموته، استنكر القذافي القواعد المتعارف عليها في لعبة كرة القدم، كان يستغرب وجود كرة واحدة بين أحد عشر لاعبا من كل فريق، ووجود الجمهور متفرجا عليهم، وطالب بنزول الجمهور لأرضية الملعب، والمشاركة في اللعب، هكذا دفعة واحدة، وكان الرجل يلمح في نظريته الكروية لأسلوبه في الحكم، يوم كانت الجماهيرية الديمقراطية الشعبية أنموذجه المتفرد بين أنظمة الحكم في العالم، وقد كان يكذب طول الوقت، فلا جماهيرية ولا جمهور، وحده وأولاده يحكمون ليبيا بالحديد والنار، والجنون أيضا.
اليوم، وبعد رحيل واحد من ألمع المهرجين في القرن العشرين، يبدو أن نظرياته تجد رواجا في عالمنا العربي، فالإعلام العربي ساحة مفتوحة، الكل فيها يعلم، ويعلم، بلا قيود ولا حدود لهذه الممارسة المفتوحة، أصبحت الساحة مفتوحة للجميع، أفرادا وأجهزة وأنظمة ومؤسسات، ليس من سياج يحيط الجغرافيا الإعلامية المفترضة، تهدمت كل القواعد والأدبيات والضوابط المهنية اللازمة، وأصبحنا أمام ملعب كبير يعج بالجمهور القادم من كل صوب وحدب، وأنت لا تعرف ما يأتيك بالضبط من مادة إعلامية، ولا من أين على وجه التحديد، وما الهدف المنشود منها، إذا ما أدركت أن الأجهزة تعمل بلا كلل ودون واجهة معلومة على خلط أوراق هذا الميدان.
الفضاء المفتوح، والذي بفضله اكتسبنا جميعا هامشا أكبر من حرية التعبير، وكسرنا احتكار الأنظمة للمعلومة والتواصل مع الآخرين، تسبب أيضا بخلط الحابل مع النابل في الساحة الإعلامية، لم يعد بمقدورك أن تميز بين المادة الإعلامية وما يشبهها، اختلطت الأخبار بالإشاعات والآراء والمعلومات الصحيحة والمغلوطة، ولم يعد بإمكان المتلقي التمييز بشكل واضح بين المنتج الإعلامي معروف المصدر والهدف، ومنتج آخر يحاول التلبيس على الناس وخداعهم، والدخول عليهم من بوابة الإعلام والأخبار والتحليل وغيرها، وتداخلت الأشياء بشكل عقد من الأمر، وليس كما يتوقع البعض، بأنه أصبح أكثر سهولة ويسرا مما كان عليه.
الحسابات في تويتر أصبحت مواقع ومنصات إعلامية، صفحات الفيس بوك، الأفراد الذين لا نعرف خلفياتهم ومؤهلاتهم وحقيقة أعمالهم ومصالحهم، تحولوا إلى منصات إعلام وأخبار للناس في مختلف القضايا، ونحن لا نستطيع بأي شكل من الأشكال محاسبة هؤلاء، أو التدقيق والمراجعة وراء أعمالهم وأخبارهم ومواقفهم وتحليلاتهم، فهم من ناحية يمنحوننا الشعور بالمعرفة والقرب من مصدر ما في صناعة القرار، ومن ناحية لا يمكن لومهم أو تحميلهم مسؤولية عمل لم يقدموا أنفسهم على أنهم قائمون به، وهذا يحدث في ظل حبس متعمد لنشاط المؤسسات الإعلامية المعروفة وصاحبة العنوان المحدد، حتى لا يبدو أي أمر قابل للحسم والقطع، كل شيء احتمالي بدرجة معينة، وثمة قنوات -أفراد وصحف غير معروفة وحسابات- تعمل بنشاط وهمة وتنظيم، وتغطي شيئا من العجز الذي تمتاز به المؤسسات الإعلامية الرسمية، فيبدو أنها محل ثقة للجمهور، ثم تبدأ عمليات التلبيس والخلط والنشاطات غير المعروفة عبر البدائل.
أنت لا تعرف، كمتلق، ما الأخبار الصحيحة من الشائعات، فيما تعرضت له هذا اليوم، تخرج من هذه الدوامة محملا بالجديد والكثير دائما، ولكنك لا تثق بجدية ما تلقيت، وصحة ما خرجت به من معلومات، ولا تملك الوقت ولا المعرفة الكافية للتدقيق، لا حاجة لك أحيانا بهذه المراجعة، المهم أنك خرجت -وبسرعة- ومعك حصيلة لا بأس بها، تشكل موقفك وخوفك واهتمامك وتوجهك، ودونما إدراك لما تعرضت له، وقد تقضي عمرا دون أن تكون قد تحققت من أمر تلقيته عبر هذه الوسائط.
هذا أمر لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، وإلا فكارثة محققة بانتظارنا جميعا، والأيام شواهد
.