توفيت والدة الشيخ الإماراتي المعتقل حمد حسن علي رقيط، اليوم الجمعة، بينما يقبع ابنها خلف قضبان سجون أبوظبي منذ أكثر من ثلاثة عشر عامًا، في واحدة من أكثر القضايا الحقوقية "الأكثر ظلماً" على الإطلاق

وجاء رحيل والدة الشيخ في وقت يُحرم فيه من أبسط حقوقه الإنسانية، وهو وداع والدته في لحظاتها الأخيرة، بعد أن قضى حكمًا جائرًا بالسجن 10 سنوات في القضية المعروفة إعلاميًا بـ(الإمارات 94)، ليُفاجأ لاحقًا بحكم جديد يقضي بسجنه مدى الحياة، فقط لكونه أحد دعاة الإصلاح السلمي.

الناشط الحقوقي والإعلامي حمد الشامسي نعَى الفقيدة، مؤكدًا أن معاناة الشيخ رقيط تكبر يومًا بعد آخر، إذ قال: "الشيخ حمد رقيط رجل علم وتربية، صاحب مؤلفات نافعة، ودليل للناس على الخير والعمل الصالح، نسأل الله أن يفرج كربه ويعظم أجره ويرزقه فرجًا قريبًا".

شيخ وقور.. ومسيرة من العطاء

الشيخ حمد رقيط، المولود في دولة الإمارات، حاصل على ليسانس تاريخ من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عام 1975، وكرّس حياته للتربية والتعليم والعمل الدعوي والاجتماعي.

شارك في تأسيس جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي عام 1972، وتولى مناصب إدارية بارزة منها مدير إدارة الوقف بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف حتى 2002.

إلى جانب عمله المؤسسي، قدّم للمكتبة الإسلامية والعربية عشرات المؤلفات، من بينها: الحكمة في الدعوة، كيف نربي أبناءنا تربية صالحة، الطريق إلى السعادة، قضايا معاصرة في ميزان الإسلام.

من الاعتقال إلى "غوانتنامو الإمارات"

في يوليو 2012، اعتُقل رقيط ضمن حملة واسعة طالت دعاة الإصلاح والمثقفين والأكاديميين بعد توقيعهم عريضة تطالب بتوسيع الحريات ومنح المجلس الوطني صلاحيات حقيقية.

تعرض خلال اعتقاله للإخفاء القسري والتعذيب، قبل أن يصدر بحقه حكم بالسجن عشر سنوات في 2014. وبعد انتهاء محكوميته في يوليو 2022، فوجئت أسرته بقرار تمديد اعتقاله، ثم الحكم عليه لاحقًا بالسجن المؤبد، ليواصل معاناته في سجن الرزين سيئ السمعة، حيث يعاني من أمراض جسدية مزمنة نتيجة الانتهاكات.

شهادات في حقه

عرف عن الشيخ رقيط حلمه وكرمه وتواضعه، حتى قال عنه أحد أصدقائه: "لا يفرّق بين كبير وصغير، يعامل الجميع كأبٍ وصديق، وكان دومًا ينشد الخير لوطنه"، بينما وصفه آخرون بأنه "وجهه يشع نورًا وطمأنينة نادرة بين دعاة اليوم".

وكان رقيط يؤمن بالحوار الفكري كحل وحيد لخلافات المجتمع، مغردًا قبل اعتقاله: "المشاكل الفكرية عند خبراء التربية تعالج بالفكر والحوار، وليس بالحل الأمني".

مأساة إنسانية مضاعفة

برحيل والدته، تضاف مأساة جديدة إلى معاناة الشيخ رقيط وأسرته، إذ يُحرم الابن من عزاء الأم، وتُحرم الأم الراحلة من رؤية ابنها حرًا طليقًا بعد سنوات من الانتظار.

وتسلط هذه الفاجعة الضوء مجددًا على واقع عشرات المعتقلين السياسيين في الإمارات، الذين يواجهون أحكامًا قاسية وحرمانًا من حقوقهم الإنسانية، فيما تتعالى المطالب الحقوقية الدولية بالإفراج عنهم دون قيد أو شرط.